أنا الذي ... بأجمعكم ... قالوا نواس فقلت بل لبد
ثم تغنيت وامقا فرحا ... يا ليت سلمى وفت بما تعد
ماذا لقيت من الظباء الخرد ... قد أفسدوني بعد طول تعبدي
يتراوحون على كل عشية ... في رازفي تارة ومورد
فإذا سألت الحور عن أسمائهم ... لم تعد بين محمد أو أحمد
فكأن آباء الظباء تعاقدوا ... بآلية معقودة بتأكد
أن لا يسموا الحور من أبنائهم ... إلا بأحمد مرة ومحمد
ثم تم بعد ذلك على نسكه حتى مات ٢٧- أبو هفان قال: حدثني يوسف ابن الداية قال: أخبرني أبو نواس أنه صار يوما إلى العباسية فبصر بغلامين من أبناء التجار نظيفين حسنين مليحين يتباذلان فلما بصرا بأبي نواس قاما فقال لهما: عودا إلى ما كنتما فيه فعادا فأخذ أرديتهما فتأبطها.. فقال له أحدهما. أحب أن تقول فينا شعرا وتمدح أجودنا وتهجو الآخر وتذمه فتأملهما فإذا هما كفرسي رهان ليس فيهما عيب ولا لأحدهما فضل على الآخر فقال:
كلاكما رخيم ... مهفهف هضيم
كلاكما حباه ... بمقلتيه الريم
هذا زمان فيه ال_بذال يستقيم
فالرأي أن تعيشوا ... والعيش لا يدوم
وأنتموا صغار ... وربكم رحيم
وذا البذل شيء ... صاحبه مرحوم
. . . . .
ولا أراه ذنبا=أنا به زعيم
. . . .
٢٨- أبو هفان: حدثني يوسف البن الداية: أنه اجتمع مع أبي نواس في منزل بعض الخمارين فقال له بعضهم: إن رأيت أن تصف مجلسنا بآية من كتاب الله تعالى فافعل. فأنشأ يقول:
وفتية في مجلس ريحانهم ... وجوههم قد عدموا الثقيلا
دانية عليهمو ظلالها ... ذللت قطوفها تذليلا
٢٩- أبو هفان قال: حدثني أبو دعامة: ان صديقا لأبي نواس شرب دواء فاتته هدايا إخوانه وأصحابه من كل جهة غير أبي نواس فإنه استبطأ هديته. فصار أبو نواس إلى باب الطاق فلم يزل يتصفح وجوه المرد ويتأملهم ويعترضهم، حتى وقع اختياره على غلام رضيه ملاحة وصباحة.. فانثنى معه قاصدا نجو منزل صديقه حتى إذا دنا من باب داره إذا جماعة قعود على بابه فلما بصر بهم الغلام ند عنه ونفر فكتب أبو نواس إلى صديقه:
يا واحد المكرمات والمنن ... أعقبك الله صحة البدن
خرجت أبتاع طرفة لك لا ... أنظر في رخصها وفي الثمن
من بين ورد وبين سوسنة ... وبين ريحانة على فنن
فقل ظبي منعم غنج ... أحسن من كل منظر حسن
أحلى واشهى إلى الفؤاد وإن ... أغرم صحبي مالا وأغرمني
حتى إذا صرت عند بابكمو ... شق شباك الهوى فأفلتني
فلا تلمني ولم قلاطبة ... قد لزموا الباب يا فتى اليمن
٣٠- أبو هفان قال: حدثني ابن أبي خلصة: أنه لما حضرت أبا نواس الوفاة قيل له: قل: لا إله إلا الله، فأنشأ يقول:
أمثلي يروح بالحادثات ... ويخشى تصاريف هذا الزمن
أذلني الله ذل الهوان ... وأدخلني في حر أمي إذن
أنهنه دهري إذا نابني ... بشرب المدام ووجه حسن
وأستغفر الله من ذا وذا ... فإن هو لم يعف عني فمن
٣١- أبو هفان: حدثني ابن ما شاء الله: أن أبا نواس دخل على محمد الأمين فقال: قد قلت فيك أبياتا يا أمير المؤمنين ولست بمنشدكها حتى تنزل عن السرير وأجلس أنا عليه فقال له: قد تجاسرت، فوالله لئن أحسنت لأحسنن إليك، ولئن أسأت لأمثلن بك. فنزل عن السرير وأجلسه فأنشأ يقول:
ضياء الشمس والقمر المنير ... إذا طلعا كأنهما الأمير
فإن يك أشبها شيئا قليلا ... فقد أخطاهما منه كثير
لان الشمس تغرب حين تمسي ... وأن البدر ينقص إذ يسير
ونور محمد أبدا تمام ... على وضح المحجة مستنير
فقال الأمين: علي بسفط فيه در فجيء به. فلم يزل يحشو فاه حتى صاح: القتيل القتيل يا أمير المؤمنين.
٣٢- أبو هفان قال: حدثني سليمان بن ابي سهل: أن الرشيد قال يوما لأبي نواس - وعنده الفضل بن يحيى وبكر البرمكي -: اهجنا يا أبا نواس، وكان الرشيد مستهترا بخادم له اسمه كوثر فأنشأ يقول:
أضاع الإمامة فسق الإمام ... وغش الوزير وجهل المشير
ففضل وزير وبكر مشير ... وما ذان إلا طريق الغرور
1 / 13