كان عليه السلام من دعاة أخيه الإمام محمد بن إبراهيم في مصر، ولما سمع بموت أخيه (199ه) لبث في دعاء الخلق إلى أن توفي ولم يتسن له القيام والخروج، وذلك أنه لما قام بإرسال دعاته أول الأمر جاءته البيعة من أهل مكة والمدينة والكوفة، وأهل الري، وقزوين وطبرستان، وتخوم، والديلم، وكاتبه أهل العدل من البصرة والأهواز، وحثوه على الظهور فأمر جماعة من دعاته وبني عمه وغيرهم إلى بلخ، والطالقان والجوزجان، فبايعه كثير من فضلاء أهلها فسألوه أن ينفذ إليهم بولد له ليظهروا الدعوة، فانتشر خبره بذلك قبل التمكن فوجهت الجيوش العباسية أيام المأمون بطلبه ومطاردته فألجأه ذلك إلى الهجرة مستترا في البلدان، فرحل إلى اليمن، والتجأ إلى البدو، ودخل عدن ومنها إلى بلاد السودان، فمصر، ثم الحجاز، وأراد الاستقرار بالمدينة وهو في جميع تنقلاته هذه متحملا للشدة، مجتهدا في إظهار دين الله، منابذا للظلم، وتوصل المأمون بمن قدر عليه في أن يصافيه ويأمن جانبه على أن يعطيه المأمون مالا عظيما، ويصل ما بينهما على أن يبدأه الإمام بكتاب إليه، أو يرد على كتاب المأمون فأبى ذلك أشد الإباء، ورفض حتى مجرد الرد على المأمون، وقد قال: والله لو كلفني المأمون ببناء مسجد لله على أن أعد آجورة ما فعلت، وهذا منتهى إعلان البراءة والمقاطعة للحكام.
पृष्ठ 39