فصاح أبوها: «بل نقيم بقريتها طاء النمل حيث تأمر وتنهى.»
ففرحت بكلام أبيها، ومشت هي وزكريا والبطريرك إلى دير المعلقة ومعهم سمعان، وذهب سعيد إلى قصره ومضى إسطفانوس كاسف البال إلى أبيه يستغفره ويرجو عفوه، وبقي مرقس، فقال لابنته: «هل أرافقك إلى الدير؟»
فضحكت وقالت: «إن لهذا الدير فضلا علي؛ فقد بدأت متاعبي فيه، ولكن قد مضى ما مضى، فتعال معنا؛ فأنت أبي وسيدي.» فمشى معهم واحتفلت رئيسة الدير بقدومهم.
وبعد أيام أمر ابن طولون بإعداد معدات العرس لزفاف دميانة إلى سعيد، فبعث سعيد إلى صديقه أبي الحسن البغدادي، فأتى وقد فرح بما جرى، وبعثت دميانة إلى الأب منقريوس قسيس قريتها ليفرح معها فأتى، فزينوا القطائع كلها بالأنوار والرياحين، وكان احتفالا مثل احتفالات الملوك، وظل أهل الفسطاط يتحدثون به أعواما، وسكنت دميانة مع سعيد في قصره أياما، ثم انتقلا إلى طاء النمل، وسكنا في قصر أبيها أو قصر مارية القبطية، وكان أبوها قد أخلاه من السراري والجواري وجعله لائقا بذينك العروسين الطاهرين.
وقضى مرقس بقية عمره يبذل وسعه في إرضاء ابنته وزوجها، وكان زكريا من أعظمهم سرورا بذلك، وعاش بقية عمره معززا مكرما، وأما أخوه سمعان فإنه رجع إلى بلاد النوبة؛ ليثني ملكها عن مناوأة المسلمين، فأفلح وعاد وأقام بطاء النمل، وأما الأب منقريوس - قسيس تلك القرية - فقد فرح بظهور الحق؛ لأنه كان من الذين شهدوا وصية مارية.
अज्ञात पृष्ठ