فتقدم زكريا وقال: «أنا لا أقول إني نظرتك تفعل ذلك، ولكنني أستدل من قرائن كثيرة أنك أنت الفاعل.»
فقطع ابن طولون كلامه قائلا: «أنا أيضا أؤيد هذا القول بدليل تذكرته الآن، هو أن بعض الناس من أبناء طائفتك - ولعلهم من ذوي قرباك - كانوا يقبحون عمل هذا المهندس لدي ويبغضونه إلي بكل وسيلة، وأنا أسمع لهم معتقدا إخلاصهم، فلما كنا جوادي في قصرية الجير، وذكروا أن سعيدا فعل ذلك متعمدا ليقتلني، فصدقتهم، وإنني أشكر زكريا؛ لأنه كان الوسيلة إلى إخراجه من السجن وإلى إرشادي إلى مقدرته في فن الهندسة - لله درك من خادم أمين نصوح.»
وكان البطريرك مصغيا فلما سمع قول ابن طولون هز رأسه متعجبا وهو يمشط لحيته بأنامله وقال: «سبحان الله! إن الضرر لا يأتينا إلا منا؛ يسيء بعضنا إلى بعض ويفسد بعضنا أعمال بعض.»
فصاح إسطفانوس: «إن هذا الشاب - وأشار إلى سعيد - لطمني ورماني في صحن الكنيسة ليلة الاحتفال بعيد الشهيد، فأغضيت عنه، ولم أرد أذيته، فكيف أسعى ضده؟»
فقال زكريا: «أغضيت عن عجز، ولو استطعت قتله ما تأخرت، ولكنك جبان خسيس.»
فصرخ إسطفانوس: «أتهينني في حضرة الأمير؟»
فأشار ابن طولون فسكتا، وقال: «إن ادعاءك أن سعيدا ضربك مع ما ظهر منك لنا من أخلاقك ؛ يؤكد لنا أنك تعمدت أذاه بوضع قصرية الجير.»
زواج الحبيبين
كان مرقس يسمع ما يقولون، ويترقب فرصة تخوله الكلام؛ ليغطي خجله، فلما رأى التهمة تثبت على إسطفانوس وجه كلامه إليه، وقال: «اسكت يا إسطفانوس؛ فإنك حقا لئيم الطبع، قد خدعتني كما خدعت سواي، فأنا أشهد أنك تعمدت أذى جارنا وولدنا سعيد. أردت أن تتخلص منه لتبقي دميانة لك. هذا هو الصحيح.»
فلما سمع إسطفانوس هذه الشهادة عليه من زميله وصديقه وشريكه في سيئاته حمي غضبه، وقال له: «أتقول هذا وأنت الذي أغريتني به؟ وكم حببت إلي الزواج بابنتك وأنا أجيبك أنها لا تحبني، فأبيت وأصررت على أن أتزوجها لا لسبب غير طمعك في مالها؟»
अज्ञात पृष्ठ