अहमद कुराबी ज़ाचिम मुफ़्तारा कालयहि

महमूद खफीफ d. 1380 AH
98

अहमद कुराबी ज़ाचिम मुफ़्तारा कालयहि

أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه

शैलियों

ورأى فرسنيه أن تحاط روسيا والنمسا وألمانيا وإيطاليا بما تتخذه إنجلترا وفرنسا حيال المسألة المصرية، على أن تكون تعليمات تلك الدول إلى سفرائها في الأستانة عين تعليمات الدولتين ...

أما عن الخديو فقد عدلت فرنسا عن رأيها في خلعه، ذلك الرأي الذي كانت ترى قبل ذلك أنه لو اتبع كان قضى على كثير من الصعاب ...

وكان فرسنيه يريد من المظاهرة البحرية أن يلقي الرعب في قلوب الوزراء ليقلعوا عن مقاومة الخديو فينتهي ما كان بينه وبينهم، ولقد وافق جرانفل على مقترحات فرسنيه في جملتها، ورأى أن يبلغ الباب العالي، واحتاط للمستقبل بقوله إنه قد تعرض عليه في المستقبل مقترحات أخرى ...

ولكن فرسنيه لم ير هذا الرأي، لأنه لم يكن يرغب في التقرب إلى تركيا، ولذلك رفضه بادئ الأمر، على أنه عاد فقبله بعد إلحاح جرانفل، وكتب إلى سفيره بالأستانة أن يبلغ السلطان أنه «ليس من المستبعد أن تقدم اقتراحات أخرى إلى تركيا فيما بعد».

وأراد جرانفل أن يبعد عن نفسه وعن حكومته تهمة الرغبة في التدخل في شؤون مصر، فاقترح أن تدعى الدول الأوربية إلى إرسال سفن إلى الإسكندرية تقف إلى جانب السفن الإنجليزية والفرنسية، وما كان جرانفل جادا فيما يقول، فإنه كان على يقين أن اقتراحه هذا سيقابل من فرنسا بالرفض، ولو كانت لديه شبهة أن ستقبله فرنسا ما تقدم به، بل لو أن هذا الاقتراح كان من جانب فرنسا لعارضت فيه إنجلترا أشد المعارضة ... ولو أن إنجلترا كانت جادة في مقترحها هذا لبذلت قصارى جهدها لتحمل فرنسا على قبوله، ولكنها اكتفت بأن تبلغ فرسنيه على لسان وزيرها أنها تأسف ألا تقرها فرنسا على وجهة نظرها، وأنها تعد من الخطأ عدم دعوة الدول إلى الاشتراك في تلك المظاهرة، ولكن بما أن فرنسا قد ذهبت في الموافقة على السياسة البريطانية إلى مثل ما ذهبت إليه فإن إنجلترا لا يسعها إلا أن توافق فرنسا على ما ترى ...

وآمن فرسنيه بنزاهة السياسة الإنجليزية، ولو كان غير فرسنيه في موضعه لآمن بها كما آمن هذا، فلم يكن يدور بخلد أحد يومئذ أن إنجلترا كانت تترقب الفرصة لتنقض على الفريسة وحدها دون فرنسا، ولا ظهر من عملها ما يبعث على الريبة ...

ولكن الإنجليز خير من انتصح بنصائح مكيافلي في هذا العالم وخير من حذقها، ولو قد تأخر الزمن بهذا الرجل لأخذ عنهم مبادئه ولوجد في أساليبهم وخططهم أبلغ أمثلة كتابه ...

الحق أن هذا المكر كان يدق على فرسنيه وغير فرسنيه من أولي الدهاء والخبرة من الرجال، وما كان ليفطن إلى هذا إلا من يسيء الظن بإنجلترا فيكون مبعث فطنته سوء الظن لا حسن الفهم، ونحن إنما نفطن إلى مرامي هذه السياسة بعد أن تكشفت عنها حجب الدهاء وتعاقبت عليها السنون، ولقد فطن إليها فرسنيه ورجال حكومته وشعبه الأريب، يوم وقعت الواقعة وانفردت إنجلترا بضرب الإسكندرية غير حاسبة لأي شيء من حولها حسابا.

وكانت إنجلترا تبغي من سياستها هذه أن تصرف نظر الدول عن مصر، فإن دعوة تلك الدول إلى مشاركتها في المظاهرة البحرية يظهرها بمظهر من لا غرض له إلا الصالح العام، في حين أن عملها هي وفرنسا يغضب الدول ويجعلها تميل إلى التدخل لتنال حظا من الغنيمة في مصر أو في غير مصر يوم يكون الحساب وتوزع الأسلاب.

وفضلا عن ذلك فقد كانت إنجلترا تحذر أشد الحذر أن تغضب السلطان فينحاز إلى عرابي وحزبه ضد توفيق، فيظهر عرابي بمظهر المحافظ على حقوق السلطان صاحب الحق الشرعي في مصر، ضد الخديو ومشايعيه من الطامعين، وعلى ذلك فكل تهمة بالعصيان توجه إلى عرابي أمام الشعب المصري إنما تذهب أدراج الرياح ...

अज्ञात पृष्ठ