अहमद कुराबी ज़ाचिम मुफ़्तारा कालयहि
أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه
शैलियों
ونظر البارودي وزير الجهادية الجديد في مطالب الجيش فأجابهم إلى أكثرها، وكانت تدور حول زيادة المرتبات، وإصلاح قانون الترقية وقانون الإجازات، والعناية بمأكل الجيش وملبسه، كما طلب الضباط إعادة أحمد بك عبد الغفار قائمقام السواري إلى الخدمة، وتم لهم ما أرادوا، فعاد هذا الضابط إلى حيث كان قبل أن يعزله رفقي.
وأقام البارودي حفلا للضباط بعد إصلاح حالهم، شهده الوزراء، وخطب البارودي كما خطب رياض، وأثنى رياض على الجند، وحثهم على النظام، وسألهم أن يقابلوا ما لقوا من إصلاح بالطاعة وأداء الواجب، وخطب عرابي فأثنى على الخديو، وأعرب عن ولاء الجيش لسموه.
سمع الضباط أول ما سمعوا أن أعوان الخديو يغرون بالمال والمناصب بعض رجال الآلايات ليكونوا في الوقت الموعود إلى جانب الخديو، ونمى إليهم فيما نمى أن رياضا يفكر في طرق إجرامية للفتك بهم، ومن ذلك ما علموه من أنه كان يدبر مشاجرة في أحد الشوارع يندس فيها من يقتل عرابيا أو من يحضر من زميليه ...
وحدث في آلاي طره وهو الآلاي السوداني الذي كان يرأسه عبد العال حلمي، أن كتب ثمانية من صف الضباط السودانيين يتنصلون من حادث قصر النيل، ويعلنون ولاءهم للخديو، ويبدون اعتذارهم، ويتهمون رؤساءهم، وأمر عبد العال بإجراء تحقيق ثبت منه أن باشجاويشا شركسيا هو الذي حرضهم على ذلك، وأن الذي حرض هذا الباشجاويش هو يوسف كمال باشا ناظر دائرة الخديو الذي دفع لكل من هؤلاء الثمانية، جنيهات ثمانية. وغضب عبد العال واشتكى إلى رياض، ورفع رياض الأمر إلى الخديو، ونصح بعزل يوسف كمال باشا تهدئة للخواطر وقتلا للفتنة في مهدها، وأجابه الخديو إلى ما طلب، وعاقب عبد العال ذلك الشركسي المحرض بالحبس ستة أشهر ... وكشف عبد العال دسيسة أخرى كان يدبرها سوداني في الاستيداع هو الأميرالاي فرج بك الزيني، وكان مسكنه على مقربة من مقر آلاي طره، وأثبت التحقيق أنه كان على صلة بيوسف كمال باشا، وقد ضبطه عبد العال بنفسه في حقل قمح يحرض بعض الجند على كتابة المطاعن في رؤسائهم، وقد أبعد الزيني إلى السودان، ويقول عرابي في مذكراته: «إن دسيسة فرج بك الزيني كانت أيضا من يوسف كمال باشا، وإن الخديو أراد أن يعوضه عما فاته في مصر من رعايته، فلما نفي إلى السودان أرسل إلى رؤوف باشا حكمدار السودان وقتئذ ليلحقه بخدمة الحكومة السودانية ومنحه رتبة لواء، فصار يعرف بفرج باشا الزيني.»
واتهم تسعة عشر ضابطا أحد رؤسائهم بأمور نسبوها إليه أثبت التحقيق بطلانها، فأبعدتهم الوزارة عن مناصبهم، فبادر الخديو بإعادتهم، الأمر الذي حنق له زعماء الجيش، إذ رأوا فيه أن الخديو إنما يعضد حركة التمرد في صفوف صغار الضباط ويستميلهم إليه ضد رؤسائهم.
وكذلك سمع الضباط أن الحكومة تنوي أن ترسل الآلاي السوداني بقيادة عبد العال بك إلى السودان، بحجة أن القوة الموجودة هناك غير كافية لحفظ النظام، فأحس الضباط من ذلك أن النية متجهة إلى تشتيتهم للقضاء عليهم متفرقين ...
وترامى إليهم أن الخديو يمرن حرسه في الإسكندرية على إطلاق النار، وأنه يشهد ذلك بنفسه وينثر الذهب على الجند متظاهرا بمكافأة المجيدين في إصابة المرمى، ولا يفسر مثل هذا العمل في ظروف كهذه إلا بأنه استعداد من جانب الخديو لما كان مقبلا عليه من قمع وبطش ...
وأرادت الحكومة أن تسخر الجند في حفر الرياح التوفيقي، وكان عليهم أن يسلموا أسلحتهم إلى مخازن الجهادية قبل ذهابهم إلى ذلك العمل، ورفض عرابي أن يوافق على ذلك وأيده في رفضه البارودي ...
وحدث في الإسكندرية أن دهمت عربة أحد التجار وكان سائقها أجنبيا أحد الجنود فنقل إلى المستشفى حيث قضى نحبه، واستشاط تسعة من الجند غضبا، وأملت عليهم سذاجتهم أن يحملوا زميلهم القتيل إلى سراي رأس التين فيقتحموا أبوابها على الرغم من مقاومة الحرس، ويتصايحوا داخل السراي شاكين من الأجانب، راجين أن يتدخل الخديو بنفسه لمعاقبة هذا السائق الأجنبي. وسمع الخديو هذا الصخب فنهر الجند بنفسه وصرفهم من حديقة قصره، ويدل هذا الحادث فضلا عن سذاجة الجند على مبلغ ما كان يتصوره الناس من عظم نفوذ الأجانب، فما يجرؤ أن ينالهم بالعقاب أحد إلا الخديو نفسه، ولهؤلاء الجند بعض العذر فيما تخيلوا وإن كان ذلك لا يبرر اقتحامهم القصر على هذه الصورة ...
ولكن العقاب الذي عوقبوا به على فعلتهم كان بالغ الصرامة والقسوة. فقد عوقب الجندي الذي حرضهم على ذلك بالحبس المؤبد مع الأشغال الشاقة، وعوقب الثمانية الباقون بالحبس في ليمان الخرطوم ثلاث سنوات مع الأشغال الشاقة كذلك ...
अज्ञात पृष्ठ