सपने मेरे पिता के

बराक ओबामा d. 1450 AH
58

सपने मेरे पिता के

أحلام من أبي: قصة عرق وإرث

शैलियों

ثم توقفت وضحكت لنفسها. وقالت: «هل أخبرتك قط أنه تأخر على أول ميعاد بيننا؟ طلب مني أن أقابله أمام مكتبة الجامعة في الساعة الواحدة. وعندما وصلت إلى هناك، لم يكن قد وصل بعد، ففكرت أنه يمكنني أن أمنحه بضع دقائق. وكان الجو جميلا، فاستلقيت على أحد المقاعد الكبيرة وسرعان ما استغرقت في النوم. وبعد ساعة - ساعة كاملة! - ظهر مع اثنين من أصدقائه، فاستيقظت وثلاثتهم يقفون إلى جوار المقعد، وسمعت أباك يقول بجدية تامة: «أرأيتم أيها السادة. لقد أخبرتكم أنها فتاة رائعة، وأنها ستنتظرني.»

ضحكت والدتي مرة أخرى، ومرة أخرى رأيتها في صورة الطفلة التي كانت عليها. باستثناء أني رأيت شيئا آخر هذه المرة؛ ففي وجهها المبتسم الحائر قليلا رأيت ما يجب أن يراه جميع الأطفال في وقت ما إذا أرادوا أن ينضجوا؛ حياة والديهم تتكشف أمامهم منفصلة وتمتد إلى ما هو أبعد من نقطة زواجهما أو ميلاد أحد أبنائهما، وتتجلى تفاصيل الحياة بدءا من الأجداد وأجداد الأجداد، وعدد لا نهائي من اللقاءات بالصدفة، وسوء الفهم والآمال المتوقعة والظروف المحدودة. لقد كانت والدتي تلك الفتاة التي لا تزال متأثرة بالفيلم الذي يضم أناسا سودا رائعين، والتي أشبع اهتمام أبي بها غرورها، وهي حائرة ووحيدة تحاول أن تهرب من قبضة حياة والديها. لقد كان سوء الفهم واحتياجاتها الخاصة يشوبان البراءة التي حملتها معها في ذلك اليوم وهي في انتظار أبي. لكنها كانت احتياجات ساذجة ودون إدراك للذات، وربما تكون هذه هي الطريقة التي تبدأ بها أية قصة حب، دوافع وصور غير واضحة تسمح لنا بالهروب من وحدتنا ثم - إذا كنا من سعداء الحظ - نتحول في النهاية لنكون أكثر ثباتا. ما سمعته من أمي في ذلك اليوم وهي تتحدث عن أبي شيء أظن أن معظم الأمريكيين لن يسمعوه أبدا من بين شفتي شخص من عرق آخر، ومن ثم لا يمكن أن نتوقع أن يصدقوا أنه قد يكون موجودا بين البيض والسود؛ إنه حب شخص يعرف جميع جوانب حياتك، حب سيتغلب على الإحباط. لقد رأت أمي أبي في الصورة التي يأمل كل شخص أن يراه عليها شخص واحد على الأقل، وحاولت أن تساعد الطفل الذي لم يعرفه قط على أن يراه بالطريقة نفسها. وقد كانت تلك النظرة على وجهها في ذلك اليوم هو ما تذكرته عندما اتصلت بها بعد بضعة شهور لأخبرها أن والدي قد توفي وسمعت صرختها من هذه المسافة البعيدة. •••

بعدما تحدثت إلى والدتي اتصلت بشقيق والدي في بوسطن ودار بيننا حوار قصير غريب. ولم أذهب إلى الجنازة؛ لذا كتبت لعائلة والدي في نيروبي خطابا أعرب فيه عن تعازي. وطلبت منهم أن يكتبوا إلي، وسألت عن حالهم. ولكني لم أشعر بالألم، فقط راودني شعور غامض بأن فرصة ما قد ضاعت، ولم أجد سببا للتظاهر بغير ذلك. وتأجلت خططي للسفر إلى كينيا إلى أجل غير مسمى.

سيمر عام آخر قبل أن أقابله في إحدى الليالي في زنزانة باردة في أحد أحلامي. فقد حلمت أني أسافر بالحافلة مع أصدقاء لا أتذكر أسماءهم، رجال ونساء لديهم رحلات مختلفة للقيام بها. وقد سرنا عبر حقول عميقة من الحشائش والتلال التي كانت تمتد قبالة السماء البرتقالية اللون.

جلس إلى جواري رجل عجوز أبيض البشرة قصير القامة ممتلئ القوام، وقرأت في كتاب كان يحمله بين يديه أن الطريقة التي نتعامل بها مع كبار السن تختبر أرواحنا. وقد أخبرني أنه من المؤيدين للنقابات ومن أعضائها وأنه ذاهب للقاء ابنته.

توقفنا في فندق قديم ضخم به ثريات. وكان هناك بيانو في الرواق وردهة مليئة بوسائد من الساتان الناعم، فأخذت إحدى الوسائد ووضعتها على مقعد البيانو، وجلس الكهل الأبيض، وقد تقدم به العمر ووصل إلى مرحلة الشيخوخة، وعندما نظرت مرة أخرى إليه كانت فتاة سوداء صغيرة لا تكاد قدماها تصل إلى الدواسة. فابتسمت وبدأت تعزف، ثم جاءت نادلة هسبانية شابة وقطبت ما بين حاجبيها وهي تنظر إلينا، لكن أسفل العبوس كانت هناك ضحكة، ورفعت أصبعها إلى شفتيها كما لو أننا نتشارك سرا.

غلبني النوم لباقي الرحلة، وعندما استيقظت وجدت أن الجميع قد رحلوا. وجدت أن الحافلة قد توقفت، فخرجت منها وجلست على رصيف الشارع. وفي داخل مبنى من الحجر الصلب، كان هناك محام يتحدث إلى قاض. ورأى القاضي أن أبي قد قضى ما يكفي من الوقت في السجن، وأنه حان الوقت لإطلاق سراحه. لكن المحامي اعترض بقوة واستشهد بقوانين متعددة وسابقة وبالحاجة إلى الحفاظ على النظام. فهز القاضي كتفيه ونهض من على الأريكة.

وقفت أمام الزنزانة وفتحت القفل ووضعته بحرص على حافة نافذة. كان أبي أمامي ولا يرتدي سوى قطعة قماش تلتف حول وسطه، وكان نحيفا للغاية، برأسه الضخم، وقوامه الرشيق، وذراعيه وصدره الخاليين من الشعر. وبدا شاحبا، وعيناه السوداوان مضيئتان في وجهه الشاحب، لكنه ابتسم وأشار إلى الحارس الأبكم الطويل أن يتنحى جانبا.

وقال: «انظر إلى نفسك.» وتابع: «لقد أصبحت طويلا للغاية ونحيفا للغاية. بل شاب شعرك!» ورأيت أنه كان على حق، فاتجهت إليه وتعانقنا. وبدأت أبكي، وشعرت بالخزي، لكن لم أستطع أن أوقف نفسي.

وقال: «باراك. لقد أردت دائما أن أخبرك بمدى حبي لك.» وبدا صغيرا للغاية بين ذراعي، في حجم صبي.

अज्ञात पृष्ठ