सपने मेरे पिता के

बराक ओबामा d. 1450 AH
26

सपने मेरे पिता के

أحلام من أبي: قصة عرق وإرث

शैलियों

لقد كان الأمر كما لو أنه بالسفر حول منتصف العالم - بعيدا عن الاعتداد بالنفس والنفاق الذي كشفته الألفة - استطاعت أمي أن تعبر عن فضائل ماضيها الغرب أوسطي وتعرضها بصورة مركزة. المشكلة هي أنه لم يكن لديها سوى قليل من وسائل التأكيد؛ فكلما انتحت بي جانبا لتقدم لي إحدى هذه النصائح أومأت لها موافقا، لكن كان يجب أن تعرف أن الكثير من أفكارها غير عملي. وكل ما فعله لولو هو أنه شرح لي فقط الفقر والفساد والتدافع المستمر من أجل الأمان، لكنه لم يخترعها. فقد ظلت تحيط بي وولدت داخلي شكا لا يعرف الرحمة. فثقة أمي في الفضائل الجمالية تعتمد على إيمان لم يكن عندي، إيمان رفضت هي أن تصفه بأنه دين، إيمان أخبرتها خبرتها أنه تدنيس للمقدسات؛ إنه إيمان بأن الأشخاص العقلانيين المتفكرين يمكنهم أن يشكلوا قدرهم. وفي أرض ظلت الحتمية فيها أداة ضرورية لتحمل الصعاب، حيث كانت الحقائق المطلقة تظل منفصلة عن حقائق الحياة اليومية، كانت هي شاهدة وحيدة للإنسانية العلمانية، جندية لصفقة كينيدي الجديدة، وقوات السلام، والليبرالية التي تقول بها المنظمات.

ولم يكن لها في كل هذا سوى حليف واحد؛ السلطة البعيدة لأبي. فأصبحت بصورة متزايدة تذكرني بقصته؛ كيف نشأ فقيرا في دولة فقيرة في قارة فقيرة، وكيف كانت حياته صعبة، صعبة مثل أي شيء قد يكون لولو واجهه. لكنه لم يختر أسهل الطرق ولم يلجأ إلى استخدام كل وسيلة تتاح أمامه لتحقيق أهدافه. لقد كان مجتهدا وأمينا مهما كلفه الأمر . وعاش حياته وفقا لمبادئ تطلبت نوعا مختلفا من الصلابة، مبادئ وعدته بشكل أرقى من القوة. ورأت أمي أني سأسير على نهجه. ولم يكن لدي خيار. فهذا الأمر مستقر في جيناتي. «يمكنك أن تشكرني على شكل حاجبيك ... فقد كان حاجبا أبيك خفيفين وصغيرين. لكنك ورثت عقلك وشخصيتك عنه.»

أصبحت رسالتها تضم السود بصفة عامة. فكانت تعود إلى المنزل محملة بكتب عن حركة الحقوق المدنية، وتسجيلات لماهاليا جاكسون وأحاديث الدكتور كينج. وعندما قصت علي قصصا عن أطفال المدارس في الجنوب الذين كانوا مجبرين على قراءة كتب تنازلت عنها لهم مدارس البيض الأكثر ثراء، لكنهم استكملوا تعليمهم ليصبحوا أطباء ومحامين وعلماء، شعرت بخجل لأني أعارض الاستيقاظ مبكرا والمذاكرة في الصباح. وإذا أخبرتها عن مسيرات الاستعراض العسكري التي قام بها فريق الكشافة الإندونيسي أمام الرئيس، فقد تذكر مسيرة من نوع آخر، مسيرة أطفال لا يكبرونني سنا من أجل الحرية. فكل رجل أسود كان ثورجود مارشال أو سيدني بواتييه، وكانت كل سيدة سوداء فاني لو هامر أو لينا هورن. وأن يكون المرء أسود يعني أن يكون المستفيد من ميراث عظيم، ومصير خاص، وأعباء مجيدة لا يقوى على تحملها سوانا.

إنها أعباء قدر لنا أن نتحملها بأناقة. فقد أشارت أمي أكثر من مرة إلى أن «هاري بيلافونت هو أكثر الرجال وسامة على ظهر الكوكب.» •••

كان هذا هو السياق الذي رأيت فيه صورة الرجل الأسود في مجلة «لايف» الذي حاول أن يخلع عنه بشرته. وأتخيل أطفالا سودا آخرين في ذلك الوقت والآن يمرون بلحظات مشابهة من تجلي الحقائق. ربما تتجلى هذه اللحظات في أوقات مبكرة للبعض؛ فيحذر الآباء أبناءهم من عبور حدود منطقة محددة بعينها، أو يشعرون بالإحباط لأن شعرهم ليس كشعر الدمية «باربي» بصرف النظر عن كيف تمشط وتتعذب، أو قصة إهانة الوالد أو الجد على يد صاحب عمل أو ضابط، التي يسمعها الطفل صدفة عندما يكون من المفترض أنه نائم. قد يكون من الأسهل لطفل أن يتلقى الأخبار السيئة في جرعات صغيرة ويسمح لنظام دفاع أن يتكون داخله، مع أني أشك أني كنت من المحظوظين؛ إذ تمتعت بفترة طفولة خالية من الشك في الذات.

أعلم أن رؤية ذلك المقال كانت قاسية، كمين تعرضت فيه للهجوم. لقد حذرتني أمي من المتعصبين؛ فهم جهلة غير مثقفين يجب أن يتجنبهم المرء. وإذا لم أكن قادرا بعد على التفكير في كوني مخلوقا فانيا، فقد ساعدني لولو على فهم احتمال التعرض لعجز المرض، أو تشوهات الحوادث، أو أفول نجم الحظ. فاستطعت بنجاح التعرف على طمع منتشر أو قسوة في الآخرين، وفي بعض الأحيان في نفسي. لكن تلك الصورة أخبرتني بشيء آخر: أن هناك عدوا خفيا، عدوا يمكنه أن يصل إلي دون علم أحد، أو حتى دون علمي أنا شخصيا. وعندما عدت إلى المنزل في تلك الليلة من مكتبة السفارة، ذهبت إلى الحمام ووقفت أمام المرآة ووجدت جميع حواسي وأطرافي كما هي، وبدوت كما أنا دائما، وتساءلت هل ألم بي شيء. أما البديل الآخر الذي كان أمامي فلم يكن أقل إثارة للرعب وهو أن جميع الكبار ممن حولي يعيشون في غمرة الجنون.

ستمر تلك النوبة القوية الأولى من القلق، وسأقضي عامي المتبقي في إندونيسيا كما أمضيت ما قبله. وحافظت على ثقة لم تجد ما يبررها دائما، ومهارة لا يمكن كبتها للإزعاج. لكن نظرتي تغيرت للأبد. وفي عروض التليفزيون الأجنبية التي بدأت تذاع في المساء، بدأت ألاحظ أن «كوسبي» لم يفز قط بالفتاة في مسلسل «أنا أتجسس» (آي سباي)، وأن الرجل الأسود في فيلم «مهمة مستحيلة» (ميشن إمبوسيبل) ظل طوال الوقت تحت الأرض. ولاحظت أنه لا يوجد أحد مثلي في كتيب الكريسماس الدعائي لشركة «سيرز وروباك وشركاه» الذي كان جدي وجدتي يرسلانه لنا، وأن بابا نويل كان رجلا أبيض اللون.

احتفظت بهذه الملاحظات لنفسي، مقررا أن أمي إما أنها لم تشاهدها أو أنها تحاول حمايتي، وإنني يجب ألا أريها أن محاولتها قد فشلت. وكنت لا أزال أثق بحب أمي، لكني أصبحت أواجه احتمال أن ما ترويه عن العالم ومكانة أبي فيه غير كاملة بطريقة ما.

الفصل الثالث

استغرقت بعض الوقت حتى تعرفت عليهما في الزحام. في البداية عندما انفتحت الأبواب الجرارة كان كل ما استطعت أن أميزه هو صورة غير واضحة لوجوه مبتسمة متلهفة تنظر باتجاه الحاجز. ثم التقطت عيناي في النهاية رجلا طويل القامة يميل شعره إلى اللون الأبيض يقف في آخر الزحام، ومعه سيدة قصيرة لا تكاد تظهر وهي تقف إلى جواره ذات وجه دائري وترتدي نظارة دائرية. بدأ الاثنان يلوحان لي، لكن قبل أن ألوح لهما اختفيا وراء زجاج نصف شفاف.

अज्ञात पृष्ठ