وانفجر شعبان في قهقهة عالية ليست غريبة ممن يحويهم هذا المكان، وقال: طبعا نسوان.
وظل سباعي في بهره وهو يقول: مثل نسوان البلد عندنا؟
واستمرت القهقهة يختطف من شهيقها الإجابة. - ماذا ترى أنت؟
ويقول سباعي في جدية حاسمة لا أثر فيها لمزاح: النسوان عندنا خفراء.
ويقول شعبان بعد أن هدأت ضحكاته: لعلك لم ترهن إلا في مواطن الجد.
ويقول سباعي في جديته لا يزال: رأيتهن في كل المواطن، خفراء، خفراء في أكثر المواطن خلاعة. - لعلك لم تحسن الاختيار. - وهل هي واحدة؟ إنهن كثيرات عرفتهن، وكلهن خفراء. - فما رأيك أنك لم تر شيئا بعد. - ما أرى يكفي. يا رجل، أنا أتعجب من نفسي كيف لم يغم علي. - لا، اجمد، الليل ما زال طويلا أمامنا. - وماذا سنعمل فيه أكثر من هذا؟ - هذا شأني. - أنا تحت أمرك، عبدك وبين يديك. - أولا تشرب هذا الكأس. - وما له أشربه، هه باسم الله الشافي العافي.
وهم أن يقلب الكأس جميعه في فمه مرة واحدة، ولكن شعبان أسرع فأمسك بيده. - لا، انتظر، ليس هكذا. - فكيف إذن؟ - رشفة رشفة، أتريد أن تنقلب منا في الأوبرج. - أمرك. - حين ينتهي الكأس أو الكأسان، وليس أكثر سترى ما لم تره حتى الآن.
وانتهى سباعي من شرب الكأسين في بطء الجاهل الذي لا خبرة له. وبدأت المناظر التي يراها تصل إلى أعماق كيانه. وتصاعدت الحميا إلى مكامن الشعور فيه فإذا هو يعيش حياة غير الحياة، حتى ليحسب أنه لم يولد إلا في هذه اللحظة. وحين أدرك شعبان ما صار إليه حال صديقه سأله: وما رأيك إذا قلت لك إنك ستقضي الليلة مع واحدة من أولئك الراقصات.
وفي وقار متعتع سأله: وماذا أصنع معها؟
وحينئذ انفجر شعبان مرة أخرى في قهقهة عالية، وراح يقف ثم يقعد والقهقهة على حالها، حتى إذا استطاع أن يلتقط أنفاسه قال لسباعي: كان يوم هنا يوم عرفتك.
अज्ञात पृष्ठ