अहकाम क़ुरान
أحكام القرآن لابن العربي
प्रकाशक
دار الكتب العلمية
संस्करण संख्या
الثالثة
प्रकाशन वर्ष
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
प्रकाशक स्थान
بيروت - لبنان
وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي دَعَا إبْرَاهِيمُ ﵇ فِيهِ رَبَّهُ تَعَالَى حِينَ اسْتَوْدَعَ ذُرِّيَّتَهُ.
فَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْعُمُومِ قَالَ: مَعْنَاهُ كَمَا قَدَّمْنَا مُصَلًّى: مَدْعَى أَيْ مَوْضِعًا لِلدُّعَاءِ.
وَمَنْ خَصَّصَهُ قَالَ: مَعْنَاهُ مَوْضِعًا لِلصَّلَاةِ الْمَعْهُودَةِ؛ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ ثَبَتَ مِنْ كُلِّ طَرِيقٍ «أَنَّ عُمَرَ ﵁ قَالَ: وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ لَوْ اتَّخَذْت مِنْ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ مُصَلًّى فَنَزَلَتْ: وَاِتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ مُصَلًّى».
الْحَدِيثَ، «فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ ﷺ طَوَافَهُ مَشَى إلَى الْمَقَامِ الْمَعْرُوفِ الْيَوْمَ، وَقَرَأَ: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: ١٢٥] وَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ»، وَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَرْبَعَةَ أُمُورٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ هُوَ الْمَقَامُ الْمُرَادُ فِي الْآيَةِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ بَيَّنَ الصَّلَاةَ وَأَنَّهَا الْمُتَضَمِّنَةُ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَا مُطْلَقِ الدُّعَاءِ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ عَرَّفَ وَقْتَ الصَّلَاةِ فِيهِ، وَهُوَ عَقِبَ الطَّوَافِ، وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَوْقَاتِ مَأْخُوذٌ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ أَوْضَحَ أَنَّ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَاجِبَتَانِ، فَمَنْ تَرَكَهُمَا فَعَلَيْهِ دَمٌ.
[الْآيَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ قَوْله تَعَالَى سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنْ النَّاسِ]
ِ مَا وَلاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا﴾ [البقرة: ١٤٢]
قَالَ عُلَمَاؤُنَا: الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْيَهُودُ، عَابُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ رُجُوعَهُمْ إلَى الْكَعْبَةِ عَنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُحِبُّ أَوَّلًا أَنْ يَتَوَجَّهَ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، حَتَّى إذَا دَانَى الْيَهُودَ فِي قِبْلَتِهِمْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى إجَابَتِهِمْ، فَإِنَّهُ ﵇ كَانَ حَرِيصًا عَلَى تَأْلِيفِ الْكَلِمَةِ، وَجَمْعِ النَّاسِ عَلَى الدِّينِ، فَقَابَلَتْ الْيَهُودُ هَذِهِ النِّعْمَةَ بِالْكُفْرَانِ، فَأَعْلَمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْجِهَاتِ كُلَّهَا لَهُ، وَأَنَّ الْمَقْصُودَ وَجْهُهُ، وَامْتِثَالُ أَمْرِهِ، فَحَيْثُمَا أُمِرَ بِالتَّوَجُّهِ إلَيْهِ تَوَجَّهَ
1 / 60