अहकाम क़ुरान
أحكام القرآن
अन्वेषक
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
प्रकाशक
دار إحياء التراث العربي
प्रकाशक स्थान
بيروت
نَفَى الْوَلَدَ بِإِثْبَاتِ الْمِلْكِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى [بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ] يَعْنِي مُلْكَهُ وَلَيْسَ بِوَلَدِهِ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ [وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْدًا] فَاقْتَضَى ذَلِكَ عِتْقَ وَلَدِهِ عَلَيْهِ إذَا مَلَكَهُ وَقَدْ حَكَمَ النَّبِيُّ ﷺ بمثل ذلك في الوالد إذ ملكه ولده
فقال ﷺ (لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ)
فَدَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى عِتْقِ الْوَلَدِ إذَا مَلَكه أَبُوهُ وَاقْتَضَى خَبَرُ النَّبِيِّ ﷺ عِتْقَ الْوَالِدِ إذَا مَلَكَهُ وَلَدُهُ وَقَالَ بَعْضُ الْجُهَّالِ إذَا مَلَكَ أَبَاهُ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ حَتَّى يُعْتِقَهُ لِقَوْلِهِ فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ وَهَذَا يَقْتَضِي عِتْقًا مُسْتَأْنَفًا بَعْدَ الْمِلْكِ فَجُهِلَ حُكْمُ اللَّفْظِ فِي اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ جَمِيعًا لِأَنَّ الْمَعْقُولَ مِنْهُ فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ بِالشِّرَى إذْ قَدْ أَفَادَ أَنَّ شِرَاهُ مُوجِبٌ لِعِتْقِهِ وَهَذَا
كَقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ (النَّاسُ غَادِيَانِ فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُوبِقُهَا وَمُشْتَرٍ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا)
يُرِيدُ أَنَّهُ مُعْتِقُهَا بِالشِّرَى لَا بِاسْتِئْنَافِ عِتْقٍ بَعْدَهُ
قَوْله تَعَالَى [وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ] اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ابْتَلَاهُ بِالْمَنَاسِكِ وَقَالَ الْحَسَنُ ابْتَلَاهُ بِقَتْلِ وَلَدِهِ وَالْكَوَاكِبِ وَرَوَى طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ابْتَلَاهُ بِالطَّهَارَةِ خَمْسٌ فِي الرَّأْسِ وَخَمْسٌ فِي الْجَسَدِ فَالْخَمْسَةُ فِي الرَّأْسِ قَصُّ الشَّارِبِ وَالْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَالسِّوَاكُ وَفَرْقُ الرَّأْسِ وَفِي الْجَسَدِ تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَالْخِتَانُ وَنَتْفُ الْإِبْطِ وَغَسْلُ أَثَرِ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ بِالْمَاءِ
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أنه قال عشرة مِنْ الْفِطْرَةِ وَذَكَرَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ إلَّا أَنَّهُ قَالَ مَكَانَ الْفَرْقِ إعْفَاءُ اللِّحْيَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ تَأْوِيلَ الْآيَةِ وَرَوَاهُ عَمَّارُ وَعَائِشَةُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ
عَلَى اخْتِلَافٍ مِنْهُمْ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ كَرِهْتُ الْإِطَالَةَ بِذِكْرِ أَسَانِيدِهَا وَسِيَاقَةِ أَلْفَاظِهَا إذْ هِيَ الْمَشْهُورَةُ وَقَدْ نَقَلَهَا النَّاسُ قَوْلًا وَعَمَلًا وَعَرَفُوهَا مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَمَا ذُكِرَ فِيهِ مِنْ تَأْوِيلِ الْآيَةِ مَعَ مَا قَدَّمْنَا مِنْ اخْتِلَافِ السَّلَفِ فِيهِ فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى ابْتَلَى إبْرَاهِيمَ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَيَكُونُ مُرَادُ الْآيَةِ جَمِيعَهُ وَأَنَّ إبْرَاهِيمَ ﵇ أَتَمَّ ذَلِكَ كُلَّهُ وَوَفَّى بِهِ وَقَامَ بِهِ عَلَى حَسَبِ مَا أَمَرَهُ اللَّه تَعَالَى بِهِ مِنْ غَيْرِ نُقْصَانٍ لِأَنَّ ضِدَّ الْإِتْمَامِ النَّقْصُ وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ بِإِتْمَامِهِنَّ وَمَا
رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ الْعَشْرَ الْخِصَالِ فِي الرَّأْسِ وَالْجَسَدِ مِنْ الْفِطْرَةِ
فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مُقْتَدِيًا بِإِبْرَاهِيمَ ﵇ بِقَوْلِهِ تَعَالَى [ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفًا] وَبِقَوْلِهِ [أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ] وَهَذِهِ الْخِصَالُ قَدْ ثَبَتَتْ مِنْ سُنَّةِ إبْرَاهِيمَ ﵇ وَمُحَمَّدٍ ﷺ وَهِيَ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ التَّنْظِيفُ وَنَفْيُ الْأَقْذَارِ
1 / 81