[مقدمة المؤلف]
[أحكام الجهاد وفضائله]
/ بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما
قال الشيخ الفقيه الإمام العالم العلامة، الصدر الكامل،جامع أشتات الفضائل،،قامع البدعة،ناصر الحق،عز الدين أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم السلمي الشافعي، أدام الله سعادته،ومتعنا بطول حياته:
أما بعد حمد الله الذي جلت قدرته ، وعلت كلمته ، وعمت رحمته ، وسبغت نعمته ،فإن أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله: الجهاد في سبيل الله ؛ لما فيه من محق أعداء الله وتطهير الأرض منهم ، واستنقاذ أسرى المسلمين من أيديهم ، وصون دماء المسلمين وأموالهم وحرمهم وأطفالهم ، وارتفاق المسلمين بما منحه الله من أراضي الكفار وأموالهم وإرقاق حرمهم وأطفالهم .
ولذلك عظم الله فيه أجر الطالب من المسلمين والمطلوب ، والغالب والمغلوب ، والقاتل والمقتول ، وأحيا القتلى فيه بعد مماتهم ، وعوضهم عن حياتهم التي بذلوها لأجله بحياة أبدية سرمدية لا يصفها الواصفون ولا يعرفها العارفون .
وكذلك لما فارقوا الأهل والأوطان أسكنهم في جواره ، وآنسهم بقربه بدلا من أنس من فارقوه من أحبائهم لأجله! فطوبى لمن حصل على هذا الأجر الجزيل في جوار الرب الجليل.
وإنما يحصل ذلك لمن قاتل في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.
पृष्ठ 53
[فصل في فرض الجهاد بالأنفس والأموال]
فصل في فرض الجهاد(1) بالأنفس والأموال
قال الله :{وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله[التوبة :41}
وقال: {كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون [البقرة : 216}(1)
وقال : { جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم } ( 2 ) [ أحمد ، أبو داود والنسائي ] ، أي أغلظوا لهم الكلام .
يشرف البذل بشرف المبذول ، وأفضل ما بذله الإنسان نفسه وماله .
ولما كانت الأنفس والأموال مبذولة في الجهاد جعل الله من بذل نفسه في أعلى رتب الطائعين وأشرفها ؛ لشرف ما بذله مع محو الكفر ومحق أهله ، وإعزاز الدين وصون دماء المسلمين .
पृष्ठ 54
فصل في التحريض على الجهاد
قال الله تعالى: {فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا[النساء:84}
وقال تعالى: {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال[الأنفال:65}.
من قاتل في سبيل الله بنفسه وحث على ذلك فقد باشر الجهاد بنفسه وتسبب إلى تحصيله بحثه ، فحاز أشرف التسبب والمباشرة ، وكان حثه على ذلك أمرا بالمعروف الذي هو تلو الإيمان .
وإذا كان هذا لمن تسبب بقوله ، فما الظن بمن تسبب إلى ذلك بقوله وفعله فجند الأجناد وباشر الجهاد؟.
पृष्ठ 55
فصل في فضل الجهاد
قال الله تعالى:{ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما[النساء :74}
وقال تعالى: {وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما(95) درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما [النساء : 95-96}.
पृष्ठ 56
وروى أبو سعيد عن رسول الله أنه قال : { من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا وجبت له الجنة} فعجب لها أبو سعيد فقال:أعدها علي يا رسول الله. فأعادها عليه ثم قال :{وأخرى يرفع الله بها العبد مائة درجة في الجنة ، ما بين كل درجتين مثل ما بين السماء والأرض } قال : وما هي يا رسول الله ؟قال :{الجهاد في سبيل الله ، الجهاد في سبيل الله ، الجهاد في سبيل الله } [ مسلم ] ،
وقال:{ إن في الجنة مائة درجة أعدها الله تعالى للمجاهدين في سبيل الله ، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض } [ البخاري ] ،
وقال:{ مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع المجاهد في سبيل الله تعالى }
पृष्ठ 57
[ متفق عليه ] وسئل :أي الأعمال أفضل ؟ فقال:{ إيمان بالله ورسوله } ، قيل: ثم ماذا ؟قال :{جهاد في سبيل الله } قيل : ثم ماذا ؟قال:{ حج مبرور }
[ متفق عليه ] .
إنما فضل الله الجهاد وجعله تلو الإيمان لما ذكرنا من مصالحه العاجلة ومنافعه الآجلة .
पृष्ठ 58
فضل الخروج في سبيل الله
قال صلى الله عليه وسلم:{ تضمن الله لمن خرج في سبيل الله ( لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمان بي وتصديق برسلي ) أن أدخله الجنة أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة } [ متفق عليه ] ،
وحكى عن ربه أنه قال:{ أيما عبد من عبادي خرج مجاهدا في سبيلي وابتغاء مرضاتي ضمنت له إن رجعته أرجعه بما أصاب من أجر أو غنيمة ،وإن قبضته غفرت له ورحمته }
[ أحمد ، النسائي والترمذي ] .
पृष्ठ 59
إنما ضمن الله الرجعة والرضوان والغفران لمن جاهد في سبيله ابتغاء مرضاته ونصرة لدينه ؛ فإن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما أريد به وجهه .
पृष्ठ 60
فضل النفقة في سبيل الله
قال الله تعالى: {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة[البقرة:261}
وقال رجل: يا رسول الله ! أي الأعمال أفضل؟ قال :{ مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله ، ثم رجل في شعب من الشعاب يعبد الله }[ متفق عليه ] .
إنما شرفت النفقة في سبيل الله لأنها وسيلة إلى أفضل الأعمال بعد الإيمان ، وإذا كانت حسنة الوسيلة بسبع مائة فما الظن بحسنة الجهاد في سبيل الله ؟
पृष्ठ 61
فصل في الاستعانة بالله استنصارا له
قال الله تعالى: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملآئكة مردفين [الأنفال : 9}
وروي عن رسول الله أنه قال يوم بدر :{اللهم أنجز لي ما وعدتني }
[ متفق عليه ] .
पृष्ठ 62
فصل في من رأى عدوا فخافه
كان رسول الله إذا رأى قوما فخافهم ( 1 ) قال :{ اللهم إني أعوذ بك من شرورهم وأدرأ بك في نحورهم } [ أحمد ، أبو داود والنسائي ] .
पृष्ठ 63
فصل في ذكر الله في القتال
قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون [الأنفال : 45}(1) .
पृष्ठ 64
/فصل في بيع المجاهد نفسه وماله
قال الله تعالى: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم [التوبة : 111} (1).
पृष्ठ 65
في الوفاء ببيعة الله
قال الله تعالى:{إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما [الفتح : 10} (1).
पृष्ठ 66
في البيعة الموجبة لرضى الله
قال الله تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة [الفتح:18}(1).
اختلف في هذه البيعة:
فقيل:" بايعوه على أنهم لا يفرون "
وقيل:"بايعوه على الموت ".
पृष्ठ 67
فصل في فضل الغبار في سبيل الله
قال :{ لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع ( 1 ) ، ولا يجتمع على عبد غبار في سبيل الله ودخان جهنم }[أحمد،النسائي والترمذي ]
وقال :{ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار } [ البخاري ] .
إذا كانت مشقة الغبار عاصمة من عذاب النار ، فما الظن بمن بذل ماله وغرر بنفسه في قتال الكفار ؟
पृष्ठ 68
فضل الحراسة في سبيل الله
قال : { طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله ، أشعث رأسه ، مغبرة قدماه ، إن كان في الحراسة كان في الحراسة ، وإن كان في الساقة كان في الساقة ، إن استأذن لم يؤذن له ، وإن شفع لم يشفع ( 1 ) } [ البخاري ] .
الحراسة في سبيل الله ضرب من الجهاد ، ثوابها على قدر نفعها وجدواها وطولها وقصرها ، ولا يخفى ما في الحراسة من نفع المسلمين
पृष्ठ 69
فضل الرمي في سبيل الله
قال الله تعالى: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم[الأنفال:60}.
पृष्ठ 70
وقال صلى الله عليه وسلم: { ألا إن القوة الرمي }[ مسلم ] وقال : { من رمى بسهم في سبيل الله تعالى بلغ العدو أو لم يبلغه كان كعتق رقبة } ( 1 ) [ النسائي ، الترمذي وابن ماجه ] .
وإنما شرف الرمي لعموم منفعته ؛ لأنه يقاتل به القاصي والداني ، ومن القلاع والحصون ، ومن الأودية والوهاد مع غلبة سلامة الرماة ، ولا يتأتى مثل ذلك في السيف والسنان ، ولذلك حث رسول الله على تعلم الرمي .
पृष्ठ 71
فضل السهر في سبيل الله
قال رسول الله : { حرمت النار على عين بكت من خشية الله ، وحرمت النار على عين سهرت في سبيل الله } [ أحمد والحاكم ] .
من سهر في سبيل الله فقد ترك غرضه من النوم طاعة لله بما يتجشمه من خوف العدو ، ولذلك حرمت عينه على النار .
पृष्ठ 72