حَدِيثُ تَزْوِيجِ فَاطِمَةَ ﵂ وَمَا أَبَانَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ دِلَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
٥٥ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّنْعَانِيُّ الدَّبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْعَلَاءِ الْبَجَلِيِّ، عَنْ عَمِّهِ شُعَيْبِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ سَبْرَةَ بْنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ نَجِيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ فَاطِمَةُ تُذْكَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلَا يَذْكُرُهَا أَحَدٌ إِلَّا صَدَعَتْهُ، حَتَّى يَئِسُوا مِنْهَا، فَلَقِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ عَلِيًّا، فَقَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَرَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَحْبِسُهَا إِلَّا عَلَيْكَ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: فَلِمَ تَرَى ذَلِكَ؟ فَوَاللَّهِ مَا أَنَا بِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ: مَا أَنَا بِصَاحِبِ دُنْيَا يُلْتَمَسُ مَا عِنْدِي، وَقَدْ عُلِمَ مَا لِي صَفْرَاءُ وَلَا بَيْضَاءُ، وَمَا أَنَا بِالْكَافِرِ الَّذِي يَتَرَفَّقُ بِهَا عَنْ دِينِهِ، يَعْنِي يَتَأَلَّفُهُ بِهَا، إِنِّي لَأَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ، قَالَ سَعْدٌ: فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ لَتُفْرِجَنَّهَا عَنِّي، فَإِنَّ لِي فِي ذَلِكَ فَرَجًا، قَالَ: أَقُولُ مَاذَا؟ قَالَ: تَقُولُ: جِئْتُ خَاطِبًا إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، قَالَ: فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ فَعَرَضَ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ يَفْتِلُ حَصِيرًا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «كَأَنَّ لَكَ حَاجَةً يَا عَلِيُّ» قَالَ: أَجَلْ، جِئْتُكَ خَاطِبًا إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَاطِمَةَ ابْنَةَ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «مَرْحَبًا» كَلِمَةً ضَعِيفَةً ثُمَّ رَجَعَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَقَالَ لَهُ: قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي أَمَرْتَنِي بِهِ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى أَنْ رَحَّبَ بِي كَلِمَةً ضَعِيفَةً فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: أَنْكَحَكَ وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ، فَإِنَّهُ لَا خُلْفَ الْآنَ وَلَا كَذِبَ عِنْدَهُ، أَعْزِمُ عَلَيْكَ لَتَأْتِيَنَّهُ غَدًا وَلَتَقُولَنَّ لَهُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَتَى تَبْنِينِي؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: هَذِهِ عَلَيَّ أَشَدُّ مِنَ الْأُولَى، أَوَلَا أَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ حَاجَتِي، قَالَ: قُلْ مَا أَمَرْتُكَ، فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى تَبْنِينِي؟ فَقَالَ: «اللَّيْلَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» ثُمَّ دَعَا بِلَالًا فَقَالَ: «يَا بِلَالُ، إِنِّي قَدْ زَوَّجْتُ ابْنَتِي ابْنَ عَمِّي وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تَكُونَ سُنَّةُ أُمَّتِي الطَّعَامَ عِنْدَ النِّكَاحِ، فَأْتِ الْغَنَمَ فَخُذْ شَاةً وَأَرْبَعَةَ أَمْدَادٍ أَوْ خَمْسَةً، وَاجْعَلْ لِي قَصْعَةً لَعَلِّي أَجْمَعُ عَلَيْهَا الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْهَا فَآذِنِّي بِهَا» . فَانْطَلَقَ فَفَعَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ، ثُمَّ أَتَاهُ بِقَصْعَةٍ فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَطَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي رَأْسِهَا، ثُمَّ قَالَ: «أَدْخِلْ عَلَيَّ النَّاسَ زُفَّةً زُفَّةً وَلَا تُغَادِرَنَّ زُفَّةٌ إِلَى غَيْرِهَا» يَعْنِي إِذَا فَرَغَتْ زُفَّةٌ لَمْ تَعُدْ ثَانِيَةً، فَجَعَلَ النَّاسُ يَرِدُونَ، كُلَّمَا فَرَغَتْ زُقَّةٌ وَرَدَتْ أُخْرَى حَتَّى فَرَغَ النَّاسُ، ثُمَّ عَمَدَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى مَا فَضَلَ مِنْهَا فَتَفَلَ فِيهَا وَبَارَكَ وَقَالَ: " يَا عَلِيٌّ احْمِلْهَا إِلَى أُمَّهَاتِكَ، وَقُلْ لَهُنَّ: كُلْنَ وَأَطْعِمْنَ مَنْ غَشِيَكُنَّ " ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَامَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى النِّسَاءِ قَالَ: «إِنِّي قَدْ زَوَّجْتُ ابْنَتِي ابْنَ عَمِّي، وَقَدْ عَلِمْتُنَّ مَنْزِلَتَهَا مِنِّي، وَأَنَا دَافِعُهَا إِلَيْهِ الْآنَ، فَدُونَكُنَّ ابْنَتُكُنَّ» فَقَامَ النِّسَاءُ فَغَلَّفْنَهَا مِنْ طِيبِهِنَّ وَحُلِيِّهِنَّ، وَأَلْبَسْنَهَا مِنْ ثِيَابِهِنَّ وحُلِيِّهِنَّ، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ، فَلَمَّا رَأَيْنَهُ النِّسَاءُ ذَهَبْنَ وَبَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ النَّبِيِّ ﷺ سُتْرَةٌ، وَتَخَلَّفَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ: «كَمَا أَنْتِ عَلَى رِسْلِكِ، مَنْ أَنْتِ؟» قَالَتْ: أَنَا الَّذِي أَحْرُسُ ابْنَتَكَ، إِنَّ الْفَتَاةَ لَيْلَةَ بِنَائِهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنِ امْرَأَةٍ تَكُونُ قَرِيبَةً مِنْهَا، إِنْ عَرَضَتْ لَهَا حَاجَةٌ، أَوْ أَرَادَتْ شَيْئًا أَفْضَتْ بِذَلِكَ إِلَيْهَا، قَالَ: «فَإِنِّي أَسْأَلُ إِلَهِي أَنْ يَحْرُسَكِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْكِ، وَمِنْ خَلْفِكِ، وَعَنْ يَمِينِكِ، وَعَنْ شِمَالِكِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» ثُمَّ صَرَخَ بِفَاطِمَةَ فَأَقْبَلَتْ، فَلَمَّا رَأَتْ عَلِيًّا جَالِسًا إِلَى جَنْبِ النَّبِيِّ ﷺ حَضَرَتْ وَبَكَتْ، فَأَشْفَقَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَكُونَ بُكَاؤُهَا لِأَنَّ عَلِيًّا لَا مَالَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَا يُبْكِيكِ؟ فَمَا آلَوْتُكِ فِي نَفْسِي، وَقَدْ أَصَبْتُ لَكِ خَيْرَ أَهْلِي، وَأَيْمُ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ زَوَّجْتُكِ سَعِيدًا فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ» فُلَانٌ مِنْهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «يَا أَسْمَاءُ، ائْتِينِي بِالْمِخْضَبِ فَامْلَئِيهِ مَاءً» فَأَتَتْهُ أَسْمَاءُ بِالْمِخْضَبِ فَمَلَأَتْهُ مَاءً فَمَجَّ النَّبِيُّ ﷺ فِيهِ وَغَسَلَ فِيهِ قَدَمَيْهِ وَوَجْهَهُ، ثُمَّ دَعَا فَاطِمَةَ فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَضَرَبَ بِهِ عَلَى رَأْسِهَا وَكَفًّا بَيْنَ ثَدْيَيْهَا، ثُمَّ رَشَّ جِلْدَهُ وَجِلْدَهَا، ثُمَّ الْتَزَمَهَا، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنَّهَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهَا، اللَّهُمَّ فَكَمَا أَذْهَبْتَ عَنِّي الرِّجْسَ وَطَهَّرْتَنِي فَطَهِّرْهَا» ثُمَّ دَعَا بِمِخْضَبٍ آخَرَ، ثُمَّ دَعَا عَلِيًّا فَصَنَعَ بِهِ مِثْلَ مَا صَنَعَ بِهَا، ثُمَّ دَعَا لَهُ كَمَا دَعَا لَهَا، ثُمَّ قَالَ: «قُومَا إِلَى بَيْتِكُمَا، جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَكُمَا، وَبَارَكَ فِي سَيْرِكُمَا، وَأَصْلَحَ بَالَكُمَا» ثُمَّ قَامَ فَأَغْلَقَ عَلَيْهِمَا بَابَهُ بِيَدِهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَخْبَرَتْنِي أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ أَنَّهَا رَمَقَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَلَمْ يَزَلْ يَدْعُو لَهُمَا خَاصَّةً لَا يُشْرِكُهُمَا فِي دُعَائِهِ أَحَدًا حَتَّى تَوَارَى فِي حُجْرَتِهِ "
٥٥ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّنْعَانِيُّ الدَّبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْعَلَاءِ الْبَجَلِيِّ، عَنْ عَمِّهِ شُعَيْبِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ سَبْرَةَ بْنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ نَجِيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ فَاطِمَةُ تُذْكَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلَا يَذْكُرُهَا أَحَدٌ إِلَّا صَدَعَتْهُ، حَتَّى يَئِسُوا مِنْهَا، فَلَقِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ عَلِيًّا، فَقَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَرَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَحْبِسُهَا إِلَّا عَلَيْكَ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: فَلِمَ تَرَى ذَلِكَ؟ فَوَاللَّهِ مَا أَنَا بِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ: مَا أَنَا بِصَاحِبِ دُنْيَا يُلْتَمَسُ مَا عِنْدِي، وَقَدْ عُلِمَ مَا لِي صَفْرَاءُ وَلَا بَيْضَاءُ، وَمَا أَنَا بِالْكَافِرِ الَّذِي يَتَرَفَّقُ بِهَا عَنْ دِينِهِ، يَعْنِي يَتَأَلَّفُهُ بِهَا، إِنِّي لَأَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ، قَالَ سَعْدٌ: فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ لَتُفْرِجَنَّهَا عَنِّي، فَإِنَّ لِي فِي ذَلِكَ فَرَجًا، قَالَ: أَقُولُ مَاذَا؟ قَالَ: تَقُولُ: جِئْتُ خَاطِبًا إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، قَالَ: فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ فَعَرَضَ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ يَفْتِلُ حَصِيرًا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «كَأَنَّ لَكَ حَاجَةً يَا عَلِيُّ» قَالَ: أَجَلْ، جِئْتُكَ خَاطِبًا إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَاطِمَةَ ابْنَةَ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «مَرْحَبًا» كَلِمَةً ضَعِيفَةً ثُمَّ رَجَعَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَقَالَ لَهُ: قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي أَمَرْتَنِي بِهِ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى أَنْ رَحَّبَ بِي كَلِمَةً ضَعِيفَةً فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: أَنْكَحَكَ وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ، فَإِنَّهُ لَا خُلْفَ الْآنَ وَلَا كَذِبَ عِنْدَهُ، أَعْزِمُ عَلَيْكَ لَتَأْتِيَنَّهُ غَدًا وَلَتَقُولَنَّ لَهُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَتَى تَبْنِينِي؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: هَذِهِ عَلَيَّ أَشَدُّ مِنَ الْأُولَى، أَوَلَا أَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ حَاجَتِي، قَالَ: قُلْ مَا أَمَرْتُكَ، فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى تَبْنِينِي؟ فَقَالَ: «اللَّيْلَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» ثُمَّ دَعَا بِلَالًا فَقَالَ: «يَا بِلَالُ، إِنِّي قَدْ زَوَّجْتُ ابْنَتِي ابْنَ عَمِّي وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تَكُونَ سُنَّةُ أُمَّتِي الطَّعَامَ عِنْدَ النِّكَاحِ، فَأْتِ الْغَنَمَ فَخُذْ شَاةً وَأَرْبَعَةَ أَمْدَادٍ أَوْ خَمْسَةً، وَاجْعَلْ لِي قَصْعَةً لَعَلِّي أَجْمَعُ عَلَيْهَا الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْهَا فَآذِنِّي بِهَا» . فَانْطَلَقَ فَفَعَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ، ثُمَّ أَتَاهُ بِقَصْعَةٍ فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَطَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي رَأْسِهَا، ثُمَّ قَالَ: «أَدْخِلْ عَلَيَّ النَّاسَ زُفَّةً زُفَّةً وَلَا تُغَادِرَنَّ زُفَّةٌ إِلَى غَيْرِهَا» يَعْنِي إِذَا فَرَغَتْ زُفَّةٌ لَمْ تَعُدْ ثَانِيَةً، فَجَعَلَ النَّاسُ يَرِدُونَ، كُلَّمَا فَرَغَتْ زُقَّةٌ وَرَدَتْ أُخْرَى حَتَّى فَرَغَ النَّاسُ، ثُمَّ عَمَدَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى مَا فَضَلَ مِنْهَا فَتَفَلَ فِيهَا وَبَارَكَ وَقَالَ: " يَا عَلِيٌّ احْمِلْهَا إِلَى أُمَّهَاتِكَ، وَقُلْ لَهُنَّ: كُلْنَ وَأَطْعِمْنَ مَنْ غَشِيَكُنَّ " ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَامَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى النِّسَاءِ قَالَ: «إِنِّي قَدْ زَوَّجْتُ ابْنَتِي ابْنَ عَمِّي، وَقَدْ عَلِمْتُنَّ مَنْزِلَتَهَا مِنِّي، وَأَنَا دَافِعُهَا إِلَيْهِ الْآنَ، فَدُونَكُنَّ ابْنَتُكُنَّ» فَقَامَ النِّسَاءُ فَغَلَّفْنَهَا مِنْ طِيبِهِنَّ وَحُلِيِّهِنَّ، وَأَلْبَسْنَهَا مِنْ ثِيَابِهِنَّ وحُلِيِّهِنَّ، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ، فَلَمَّا رَأَيْنَهُ النِّسَاءُ ذَهَبْنَ وَبَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ النَّبِيِّ ﷺ سُتْرَةٌ، وَتَخَلَّفَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ: «كَمَا أَنْتِ عَلَى رِسْلِكِ، مَنْ أَنْتِ؟» قَالَتْ: أَنَا الَّذِي أَحْرُسُ ابْنَتَكَ، إِنَّ الْفَتَاةَ لَيْلَةَ بِنَائِهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنِ امْرَأَةٍ تَكُونُ قَرِيبَةً مِنْهَا، إِنْ عَرَضَتْ لَهَا حَاجَةٌ، أَوْ أَرَادَتْ شَيْئًا أَفْضَتْ بِذَلِكَ إِلَيْهَا، قَالَ: «فَإِنِّي أَسْأَلُ إِلَهِي أَنْ يَحْرُسَكِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْكِ، وَمِنْ خَلْفِكِ، وَعَنْ يَمِينِكِ، وَعَنْ شِمَالِكِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» ثُمَّ صَرَخَ بِفَاطِمَةَ فَأَقْبَلَتْ، فَلَمَّا رَأَتْ عَلِيًّا جَالِسًا إِلَى جَنْبِ النَّبِيِّ ﷺ حَضَرَتْ وَبَكَتْ، فَأَشْفَقَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَكُونَ بُكَاؤُهَا لِأَنَّ عَلِيًّا لَا مَالَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَا يُبْكِيكِ؟ فَمَا آلَوْتُكِ فِي نَفْسِي، وَقَدْ أَصَبْتُ لَكِ خَيْرَ أَهْلِي، وَأَيْمُ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ زَوَّجْتُكِ سَعِيدًا فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ» فُلَانٌ مِنْهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «يَا أَسْمَاءُ، ائْتِينِي بِالْمِخْضَبِ فَامْلَئِيهِ مَاءً» فَأَتَتْهُ أَسْمَاءُ بِالْمِخْضَبِ فَمَلَأَتْهُ مَاءً فَمَجَّ النَّبِيُّ ﷺ فِيهِ وَغَسَلَ فِيهِ قَدَمَيْهِ وَوَجْهَهُ، ثُمَّ دَعَا فَاطِمَةَ فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَضَرَبَ بِهِ عَلَى رَأْسِهَا وَكَفًّا بَيْنَ ثَدْيَيْهَا، ثُمَّ رَشَّ جِلْدَهُ وَجِلْدَهَا، ثُمَّ الْتَزَمَهَا، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنَّهَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهَا، اللَّهُمَّ فَكَمَا أَذْهَبْتَ عَنِّي الرِّجْسَ وَطَهَّرْتَنِي فَطَهِّرْهَا» ثُمَّ دَعَا بِمِخْضَبٍ آخَرَ، ثُمَّ دَعَا عَلِيًّا فَصَنَعَ بِهِ مِثْلَ مَا صَنَعَ بِهَا، ثُمَّ دَعَا لَهُ كَمَا دَعَا لَهَا، ثُمَّ قَالَ: «قُومَا إِلَى بَيْتِكُمَا، جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَكُمَا، وَبَارَكَ فِي سَيْرِكُمَا، وَأَصْلَحَ بَالَكُمَا» ثُمَّ قَامَ فَأَغْلَقَ عَلَيْهِمَا بَابَهُ بِيَدِهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَخْبَرَتْنِي أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ أَنَّهَا رَمَقَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَلَمْ يَزَلْ يَدْعُو لَهُمَا خَاصَّةً لَا يُشْرِكُهُمَا فِي دُعَائِهِ أَحَدًا حَتَّى تَوَارَى فِي حُجْرَتِهِ "
1 / 307