فقال واحد: إذن نحن حظنا أكبر من جبل جاج، أده ابن بلادنا.
فقال واحد بكل هدوء: هيء، أده لكل الناس.
فأجابه ذلك بلهجة القاطعة حجته: عال يا سيدي، رضينا، نحن نطلب أن يساوينا بأقل الناس، بالأرمن يا سيدي.
فأمن جاره على كلامه بقوله: وكثر الله خيره، فأعادها ذاك وقال قارئ الجريدة: كتب أده للبطرك - فتغامز الشيوخ لأنه لم يقل سيدنا - والمطارين والمفتي ومشاريخ العقل وأصحاب الجرائد وأعضاء المجلس ورؤساء الجمعيات يسألهم رأيهم في الدستور والاستقلال.
فقال بو يوسف: غنمت لحاكم. وجر (كم) حتى بلغت قانون المونوبول طولا، وضحك كالساخر، ثم عبس وقال بحدة ونزق: أيش هم الروسا والحكام، البطرك والمطارين يطلبون العشور ويأكلون غلة المفلوح والبور. والحكومة تطلب الضرائب. يا بحر الله خذ عبد الله، كل هذا ما يرد علينا شيئا.
فقال شاب متعلم: الحق مع الخال، صار أده ريس جمهورية وأخذت الجرايد تطلب وتتمنى، قولوا لي أية جريدة طلبت لنا شيئا، هل طلبت جريدة شق طريق؟ هذا لا يهمهم؛ لأن الطرقات حولهم وحواليهم، كل هذا باطل، ما يعرف المرض إلا الواقع فيه.
فقال قارئ الجريدة كالمستغرب: اسمعوا يا بشر، البطرك طلب أن يكون للأفوكاتو - المحامي - ثلاثة أصوات، وللطبيب مثله، ولل ... فأتمها واحد: وللخوري؟ فضحكنا، وأومأ ذاك برأسه أن لا. فقال كثيرون: خسر سيدنا البطرك وما درى بتقليله من قيمتنا، فقال واحد: نعم غلط سيدنا البطرك. فسمعها أبو يوسف فازور ورفع يده قائلا: يا صبي سد بوزك، فضحك ذاك، وشاءوا أن يتنادروا على إلياس فخبروه أن ليس له في الانتخاب القادم إلا ربع صوت لأنه أمي. فحمي إلياس علينا وعلى أولياء الأوقاف الذين يأكلون أموالها ويتركون الضيع بلا مدارس كما جرى في أيامه. وهوسوه فتهوس كعادته، فشهر الحرب على رجال الدنيا والدين، وسأل إذا كان القاصد الجديد وصل، فعلمنا أن المسألة ستتطور.
أما أبو يوسف فسكت عن حديثنا كأن لم يسمعه. ثم قال: في الزمان الماضي كان أعضاء المجلس من الضياع. الله، الله يا دنيا كيف تقلبت الأحوال، كيف راحت أيام فارس أفندي، وأسعد بك، والزغزغي. أعضا اليوم مساكين ما ينفعونا شيئا.
كلهم أولاد مدن، وابن المدينة ما عنده شيء من أخبار الضياع. فقال واحد: ما كلفت الحكومة نفسها وسألت أحدا من الضياع، ضاع حقنا يا ترى من سؤال بسيط.
فجاوبه أبو قصحيا: على حد سوا، سألت أو لم تسأل، الرأي الأخير لمن؟ للفرنجي.
अज्ञात पृष्ठ