فكأنه رثى لي فقال: طيب، طيب، يظهر أنك قلت كثيرا. لماذا ما سمعوا لك؟
فأجبته: لا أعرف! فهز رأسه واحتبى. فقال واحد: كل هذا تعب باطل، ما لها إلا الفرنجي.
وبهتنا محيرين فضحك شاب من عادته قراءة الجريدة من العنوان إلى الإعلان وقال: خبر كويس.
فأصغينا إليه، فقرأ علينا خبرا أذاعته جريدة الراصد، وهو أن مدير الداخلية طلب من القائمقامين تقديم تقرير عام عن حالة كل قرية ودسكرة، ومبلغ حاجتها إلى الإصلاح من ينابيع شحيحة وملوثة وأمراض.
فهتفوا جميعا: نشكر الله، لا ينابيع ولا أمراض.
فقال: اسمعوا. وأتم: والطرقات اللازم فتحها وإصلاحها، فصاحوا جميعا فرحين: جاءت وجاء بها الله.
وخفتت أصواتنا فقال واحد مشئوم: اقرأ تفرح، جرب تحزن.
وقال آخر لعين جدا: إذا وعدتكم الحكومة بضريبة صدقوا، أما إذا قالت لكم أعمل الطريق فيا طولها غربة.
فهز الخال رأسه وقال: إذا بقينا على ما نحن كيف يزورنا سيدنا البطرك، أظن الحكومة مهتمة بالطرق لهذا السبب.
فتبسم الكثيرون، فعدا الشيخ طوره، وكاد يخرج من جلده، وصاح بنا: عيب علينا أن يجيئنا البطرك ماشيا. ثم هدأ لحظة، فصمتنا نكظم الضحك، فقال لنا: بدا لي فكر.
अज्ञात पृष्ठ