فقال البغل: تعنفصت ولبطت وكدشت، ولما لم أنقد له خاف وتركني، وجاء بك يا جحش لتحل محلي.
فقال الحمار: الحكم إذن على الطائع.
فقال البغل: هذي يا ابن أمي شريعة الناس، ما بلغك بعد قول شاعرهم: ومن لا يظلم الناس يظلم. إذا أردت أن تعرف أخلاق أمة ففتش عن أمثالها، فمثل البشر يقول: الفاجر أكل ماله ومال التاجر. يعد الإنسان ألف عشرة قبل أن يركب بغلا، بينما تراه يركب الحمار ارتجالا. يقولون في مثلهم: الحيط الواطي كل الناس تركبه، أنت حيطك واطي، فعبثا تشكو: شكوى الجريح إلى البئزان والرخم.
وهنا تدخل الثور ليعرض قضيته فقال له البغل: سد بوزك. ولا كلمة. أنت أقل فهما من الحمار. ولذلك قال الشاعر:
علي نحت القوافي من معادنها
وما علي إذا لم تفهم البقر
كان يقدر الشاعر أن يقول: الحمر بدلا من البقر ولا ينكسر الشعر ولا القافية، فكيف تترك ابن آدم يجيعك ويكدنك مع الحمار! ألا يحط هذا من مقامك، مع أنه معك سلاح ليس لأحد منا.
فأجاب الثور: أنا معي سلاح؟ أين هو سلاحي؟
فقال الجمل: معلوم، ألا تراه، أنت أعمى يا ترى؟!
فقال البغل للجمل: اسكت يا هبيل، كل الحيوانات تحكي ما عداك. أنت طمعت البشر فينا، رقبتك باع ويقودك ولد أقل من ذراع.
अज्ञात पृष्ठ