فقال: أما أنا فلا أقول ذلك، ولكن عليا كان يقوله، وتكليفي غير تكليفه، كان حاضرا ولم أكن حاضرا، فأنا محجوج بالاخبار التي اتصلت بي (87)، وهي تتضمن تعيين النبي لأبي بكر في الصلاة وهو محجوج بما كان قد علمه، أو يغلب على ظنه من الحال التي كان حضرها.
قال: ثم ماتت فاطمة، فجاء نساء رسول الله كلهن إلى بني هاشم في العزاء إلا عائشة، فإنها لم تأت، وأظهرت مرضا، ونقل إلى علي عنها كلام يدل على السرور (88).
ثم بايع علي أباها، فسرت بذلك، وأظهرت من الاستبشار بتمام البيعة واستقرار الخلافة وبطلان منازعة الخصم ما قد نقله الناقلون فأكثروا، واستمرت الأمور على هذه مدة خلافة أبيها وخلافة عمر وعثمان، والقلوب تغلي والاحقاد تذيب الحجارة، وكلما طال الزمن على علي تضاعفت همومه وغمومه، وباح بما في نفسه إلى أن قتل عثمان، وقد كانت عائشة أشد الناس عليه تأليبا وتحريضا، فقالت: أبعده الله.
وأملت أن تكون الخلافة في طلحة، فتعود الامرة تيمية كما كانت أولا، فعدل الناس عنه إلى علي بن أبي طالب، فلما سمعت ذلك صرخت:
وا عثماناه قتل عثمان مظلوما، وثار ما في الأنفس حتى تولد من ذلك يوم الجمل وما بعده. قال ابن الحديد: هذه خلاصة كلام الشيخ أبي يعقوب - ره - ولم يكن يتشيع. إنتهى.
(87) راجع باب أحاديثها في صلاة أبي بكر من هذا الكتاب.
(88) في ترجمة فاطمة من النبلاء 2 / 94، قالت فاطمة لاسماء: إذا مت فغسليني أنت وعلي ولا يدخلن أحد علي. فلما توفيت جاءت عائشة فقالت أسماء لا تدخلي، فشكت إلى أبي بكر فجاء فوقف على الباب فكلم أسماء فقالت: هي أمرتني، قال فاصنعي ما أمرتك. ثم انصرف. (*)
पृष्ठ 81