المحراب، فلم يجد ذلك ولا أثر، مع قوة الداعي الذي كان يدعو إلى أبي بكر، ويمهد له قاعدة الامر، وتقرر حاله في نفوس الناس، ومن اتبعه على ذلك من أعيان المهاجرين، والأنصار (84)، ولما ساعد على ذلك من الحظ الفلكي، والامر السمائي الذي جمع عليه القلوب والأهواء.
فكانت هذه الحال عند علي أعظم من كل عظيم، وهي الطامة الكبرى، والمصيبة العظمى، ولم ينسبها إلا إلى عائشة وحدها، ولا علق الامر الواقع إلا بها، فدعا عليها في خلواته وبين خواصه، وتظلم إلى الله منها، وجرى له في تخلفه عن البيعة ما هو مشهور حتى بايع (85).
وكان يبلغه وفاطمة عنها كل ما يكرهانه منذ مات رسول الله، إلى أن توفيت فاطمة وهما صابران على مضض ورمض، واستظهرت بولاية أبيها واستطالت وعظم شأنها، وانخذل علي وفاطمة، وقهرا.
وأخذت فدك، وخرجت فاطمة تجادل في ذلك مرارا، فلمتظفر بشئ (86)، وفي ذلك تبلغها النساء الداخلات والخارجات عن عائشة كل كلام يسوءها ويبلغن عائشة عنها وعن بعلها مثل ذلك إلا أنه شتان ما بين الحالتين، وبعد ما بين الفريقين، هذه غالبة، وهذه مغلوبة، وهذه آمرة، وهذه مأمورة، وظهر التشفي والشماتة ولا شئ أعظم مرارة ومشقة من شماتة العدو!
فقلت له - ره -: أفتقول أنت: إن عائشة عينت أباها للصلاة ورسول الله صلى الله عليه وآله لم يعينه؟!
पृष्ठ 80