فضحك قائلا: انس الحياة، وعش في المسرحية.
عند ذلك قلت له: من حسن الحظ أن من حقك التغيير. - لقد غيرت ما اقتضت الضرورة تغييره، فحذفت مشهد الطفل. - عندي فكرة.
فرمقني بضجر، ولكني قلت: البطلة وهي تحتضر، تطلب رؤية عشيقها القديم. - أي عشيق؟ ... ما من ممثل في المسرح إلا عشقها حينا. - أعني العشيق الذي أمثل دوره ... ويذهب إليها، فتعتذر إليه عن خيانتها، وتموت بين يديه. - إنه يقتضي إدخال تعبيرات جوهرية على الشخصية، وعلى العلاقة بين الزوجين. - ليكن. - إنك تقترح مسرحية جديدة ... البطلة نسيت تماما عشيقها القديم. - غير ممكن، وغير طبيعي. - قلت لك: عش في المسرحية، وانس الحياة، أو تفضل بتأليف مسرحية جديدة، فنحن في زمن مؤلفي النزوة والصدفة. - ولكنك حذفت الطفل ودوره! - ذاك شيء آخر؛ إنه غير ملتحم بالأحداث، وقتل وليد بريء خليق بأن يفقد البطل أي عطف. - وقتل زوجة تعيسة؟ - اسمع، مئات من المتفرجين يودون في أعماقهم قتل زوجاتهم. •••
أليس هذا هو كرم يونس؟ بلى! إنه يغادر حجرة المدير. لم يكن بقي على عرض المسرحية إلا أسبوعان، وكنت واقفا أمام مدخل البوفيه، أحاور درية نجمة الفرقة، وبيد كل منا فنجان قهوة. قلت له وهو يقترب منا في بدلة قديمة، ورقبة البلوفر الأسود تطوق عنقه حتى أسفل الصدغين: شرفت المسرح.
فرمقني شزرا، وقال بجفاء: ابعد عن وجهي.
وحيا درية تحية عابرة ومضى. قطعت درية حديثها عن الغلاء، وقالت: جاء ولا شك يسأل عن سر اختفاء عباس.
فقلت بحنق: ما هو إلا اختفاء مجرم.
فقالت درية باسمة: لم يقتل، ولم ينتحر. - لن ينتحر، ولكنه سيشنق.
رجعت تقول: كان يجب أن يقودنا النصر إلى حياة أيسر.
فقلت بسخرية: لا يحيا حياة يسيرة إلا المنحرفون؛ لقد بات البلد ماخورا كبيرا. لم كبست الشرطة بيت كرم يونس وهو يمارس الحياة كما تمارسها الدولة؟!
अज्ञात पृष्ठ