विचार और पुरुष: पश्चिमी विचारधारा की कहानी

महमूद महमूद d. 1450 AH
93

विचार और पुरुष: पश्चिमी विचारधारा की कहानी

أفكار ورجال: قصة الفكر الغربي

शैलियों

وسنطلق هنا على هذا «القصد» ليقابل «الخصب» الذي قد تفسر به الكلاسيكيات. وتستطيع أن تجد آثارا من هذه الصفة حتى في أوج النهضة في أواخر القرن الخامس عشر وأوائل القرن السادس عشر، وبخاصة لدى الإنسانيين الباحثين أصحاب الخيال من أمثال أرازمس. وعند مونتيني جانب كبير منها، بالرغم من أن مونتيني يمسك نفسه دائما عن التمسك بأي اتجاه من الاتجاهات. وهذه الكلاسيكية «المقتصدة» أمست حركة، أو أسلوبا جديدا، أو طريقة من طرق الحياة. وبلغت أوج ازدهارها في فرنسا في القرن السابع عشر، ويعد عصر لويس الرابع عشر في كثير من الوجوه مثالا طيعا لهذا المثل الأعلى.

وإليك قطعة من بوالو تبين في شكلها ومادتها الاتجاه الكلاسيكي في عصره؛ الوضوح، والوقار، واحترام الرأي القديم، وعدم الثقة في غير المألوف، والشاذ، والابتعاد عن المعايير السائدة:

لما كان الكتاب قد ظفروا بالإعجاب لعدة قرون، ولم يحط من قدرهم إلا فئة قليلة من الناس ذوي الأذواق الشاذة (فهناك دائما أذواق فاسدة) فإن إلقاء الشك على قيمة هؤلاء الكتاب هو إذن من باب النزق، أو الجنون. فإذا كنت لا تلمس في كتاباتهم جمالا فلا تحكم بأن الجمال فيها معدوم، وإنما احكم على نفسك بالعمى وانعدام الذوق. إن جمهرة الناس لا تخطئ في حكمها على إنتاج القرائح في نهاية الأمر. إننا لم نعد نشك اليوم في قيمة هومر أو أفلاطون أو شيشرون أو فيرجيل. إنما هذا أمر انتهى فيه الجدل؛ لأن عشرين قرنا قد اتفقت على حكمها عليه. إنما المسألة هي البحث عن مبعث الإعجاب بهؤلاء الكتاب في عدة قرون. وعليك أن تتفهم ذلك أو تتخلى عن الأدب، وتؤمن بأنك تفتقر إلى الذوق وإلى الاستعداد ما دمت لا تحس ما أحسه الناس جميعا.

إن العلاقة بين هذا النقد «المقتصد» والمسيحية ليست البتة من الأمور الهينة؛ فقد كان كبار الكتاب في العصر الفرنسي الكلاسيكي الذين ربما كانوا خير من يمثل هذه العلاقة كاثوليكيين مخلصين أو كانوا على الأقل كاثوليكيين يؤدون كل شعائر الكاثوليكية. وحقا كان من قبيل حب التظاهر الباطل أن يخرج الكاتب منهم على الكاثوليكية. ثم إنه لم يكن من اليسير على الكاتب أن يظفر بالتقدير في بلاط لويس الرابع عشر إذا كان زنديقا أو متشككا. غير أن الكلاسيكيين كانوا في كثير من الأحيان لا ينفصلون إلا بخيط دقيق عن العقليين، أولئك الذين كانوا يشنون هجوما على أي شكل من أشكال الديانات الموحى بها. ومن الجلي أن أمثال بوالو، وبوسويت، بل وراسين - وأهم من هؤلاء قراؤهم - لا يمكن أن يكونوا من المتحمسين، أو المتصوفين، أو البروتستانت مع احتفاظهم بنوع التذوق الذي كان يشكل جانبا من اتجاههم، وهذا التذوق وكثير مما يعزى إليهم غير ذلك، كالقواعد الأساسية المشهورة للدراما الفرنسية، كانوا جميعا يرون أنه يتفق اتفاقا كاملا والشعور العميق والإحساس بالغموض، وعجز الناس عن السير في حياتهم دون الاسترشاد بعون الله. لقد أحسوا أنهم كانوا مسيحيين طيبين.

وهكذا كان أكثرهم، ولكنهم كانوا مسيحيين مستنيرين طبقا لقواعد الدين ولم يكونوا مسيحيين إنجيليين، وربما ندم بعضهم - كما ندم راسين - في أخريات حياتهم على ماضيهم الدنيوي، ثم انقلب إلى التقوى مخلصا فيها مع اتباعه لتقاليدها. وربما كانت هناك على حافة هذا العالم هرطقات مثل مذهب جينسن، الذي سمي كالفنية الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، والذي كان في الواقع تفسيرا للمسيحية جافا وكلاسيكيا. وربما تجاوز بعض الأعضاء المتسامحين من أمثال الأسقف فنيلون هذا الحد إلى نوع من الهرطقة أحدث، إلى مذهب السكون الذي ربما كان حركة تمهيدية للإيمان العاطفي في الخير الطبيعي الذي عرف في القرن الثامن عشر. غير أن كثرة هؤلاء الإنسانيين الكلاسيكيين كانوا بالتأكيد على هامش المسيحية، أو على الأقل مسيحيين لا يندفعون نحو تقليد المسيح، مسيحيين الكنيسة في نظرهم نظام قبل كل شيء للأفراد الجموحين بطبعهم الذين كان يعوزهم ما عند هؤلاء الإنسانيين من إحساس، وتربية وشعور بما يليق وما لا يليق.

من اليسير - ومما يغري - أن ننظر إلى أسلوب الحياة وطرائق التفكير عند الإنسانيين الكلاسيكيين باعتبارها غير مؤثرة في تكوين العقل الحديث، وبخاصة بين الشعوب التي تتكلم الإنجليزية، وباعتبارها أمرا يهتم له الأستاذ في المدرسة - أو رجل مثل ت. س. إليوت - ولكنه لا يتغلغل خاصة في تفكيرنا ومشاعرنا. ومع ذلك فإن مؤرخا للفكر فرنسيا ممتازا - هوتين - زعم بأن ما أسماه «الروح الكلاسيكية» التي تميل إلى اعتبار العالمي، والمنتظم، والموحد، مقياسا من المقاييس، وباعتيادها التبسيط، وباعتقادها في القواعد والمعادلات؛ كل ذلك عاون على تكوين الحالة العقلية التي نسميها «التنوير». ومن المؤكد أن الثائرين من أمثال فولتير قد تأثروا تأثرا بالغا بالأساتذة الكبار في القرن السابع عشر. وسوف نعود إلى هذا الموضوع الذي يتصل بالعلاقة بين الروح الكلاسيكية وعصر «التنوير». وكان الإنسانيون الكلاسيكيون يعتقدون في عهدهم أنهم عثروا على قاعدة للحكم، على معيار، على مقياس دقيق للتذوق، على شيء يمكن أن يقف مع مركب العصور الوسطى جنبا إلى جنب كنوع من التنظيم العملي لهذا العالم المضطرب.

ونحن الأمريكيين نميل بمشاعرنا نحو الإنسانيين ذوي الأذهان الخصبة. وكثيرا ما نعدهم - بمعان لها أهميتها القصوى - صانعي أسلوب حياتنا. وهؤلاء هم أبطال النهضة الأصيلة، أولئك الرجال الذين يشوقنا أن نقرأ أعمالهم، حتى في كتب الدراسة - مثل سليني، الذي قتل، وزنى، ونحت، ورسم، وتحدث إلى الملوك والبابوات. وليوناردو دافنشي، الذي صور، وبنى، وكتب، واخترع الطائرات والغواصات (على الورق) وهندس كذلك. ثم هناك أيضا ملوك من أمثال فرنسيس الأول ملك فرنسا، وهنري الثامن ملك إنجلترا، الذين لم يظهروا بمظهر الملوك فحسب، والذين لم يكتفوا بحذق صنوف الرياضة والصيد التي لا محيص عنها للمراكز السامية في الطبقة العليا في المجتمع الغربي حتى الولايات المتحدة في عام 1950م، ولكنهم أجادوا كذلك اللغات القديمة، وكانوا على فطنة، قديرين على قرض الشعر أو كتابة المقال، وعشاقا عظاما إلى جانب ذلك بطبيعة الحال. وهناك أسر بأسرها، كأسرة بورجيا، تتبرع بالأفراد الجذابين الذين لا يترسمون التقاليد.

إن سمات هذا الطراز من الأفراد لا يمكن أن يخطئها المرء. نعم لقد كان هناك على كر العصور من كان يهدف إلى الأسمى في اجتهاد وحماسة. بل إن الروح بأسرها في بعض العصور كانت أحيانا تضطرم بالحماسة، والاندفاع، كما كان يضطرم عصر النهضة؛ فقد كانت أمريكا مثلا في أواخر القرن التاسع عشر تعيش في عصر عظيم يتصف بالاندفاع. كما لاحظنا فيما سبق أن فلاسفة التاريخ قد وصفوا ثقافتنا الغربية كلها من عهد اليونان إلى ما بعده، أو من العصور المظلمة إلى ما بعدها، بأنها «فاوستية»، «نوردية»، «ديناميكية» في كفاحها وقلقها. غير أن في جهاد النهضة وهي في أوجها نوعا من قساوة الطفولة التي تلفت النظر، نوعا من تحديد الغرض المباشر والانكباب عليه. ويمدنا سليني بثروة ضخمة من الأمثلة. وإليك واحدا منها: «بعدما قطعت صلتي بالملعونة كاترينا، وبعدما اختفى من باريس ذلك الشاب البائس المسكين الذي تآمر معها على الإساءة إلي، عزمت على أن أقوم بتنظيف زخرفتي لفونتنبلو، وهي من البرنز، وأن أصقل كذلك تمثالي النصر، اللذين كانا يمتدان من الزاويتين الجانبيتين إلى الدوائر الوسطى في الباب الخارجي. ومن أجل ذلك صحبت إلى بيتي فتاة مسكينة في نحو الخامسة عشرة من عمرها. وكانت غاية في جمال الهيئة، حية، بشرتها حمراء. ولما كانت ريفية إلى حد ما فقد كانت مقلة في الحديث، سريعة في شهيتها، وفي عينيها نوع من الوحشية، وقد أطلقت عليها اسم سكوزونا، في حين أنها كانت تدعى جيانا. وبمعونتها أتممت فونتنبلو وتمثالي النصر اللذين صممت أن أزين بهما الباب الخارجي. ومن جيانا هذه أنجبت طفلة في السابع من يونيو في الساعة الثالثة بعد الظهر من عام 1544م. وأسميت الطفلة كنستانتيا، وقد رفعها فوق النبع السنيور جيدو جيدي، أحد أصدقائي المقربين، وهو طبيب الملك. ووقف وحده للطفلة أبا روحيا؛ لأن العادة في فرنسا أن يكون للطفل أب روحي واحد، وأمان روحيتان، وإحدى هاتين الأمين كانت السنيورا مادالينا، زوجة السنيور لويجي ألاماني، أحد أعيان فلورنسة، وشاعر مجيد. أما الأم الثانية فكانت سيدة فرنسية من أسرة كريمة، زوجة السنيور ريكاردو دل بين، وهو كذلك مواطن من فلورنسة وتاجر معروف، وكانت هذه الطفلة أولى بناتي وأبنائي على ما أذكر، وقد خصصت الأم بنفقة رضيت عنها عمتها، التي أسلمتها لرعايتها، ولم تعد لي بها معرفة بعد ذلك.»

ولا يسترعي انتباهنا هنا الانحراف الجنسي، أو الانعدام المطلق الظاهر للإحساس بالإثم عند سليني. إنما يسترعي نظرنا تركيز فكره في نفسه بصورة بادية، وانعدام وعيه بغيره كأشخاص، أو كأحياء جديرين بالاهتمام - أعني براءته الصبيانية.

وقد يبدو أن الإنسانيين ذوي الذهن الخصيب كانوا في الواقع ينبذون «كل» سلطان، لا سلطان كنيسة العصور الوسطى وحدها. كانوا إنسانيين، بمعنى أنهم اعتقدوا أن الإنسان هو معيار كل شيء، وأن كل امرئ مقياس نفسه. شعارهم «الفردية» - كان هؤلاء الرجال فرديين يقابلون «التابعين» الجبناء الذين ينتمون إلى رهبان العصور الوسطى. كانوا قوما يجرءون على أن يعبروا تعبيرا صادقا عن أنفسهم؛ لأنهم كانوا يثقون في قدراتهم الطبيعية، في شيء في دخيلة أنفسهم. كانوا ذلك الطراز من الرجال الذي نحبه نحن الأمريكيين، كانوا رجالا لا يضايقون أنفسهم في شيء - وكأنهم من ولاية تكساس.

अज्ञात पृष्ठ