الأمثلة المنادية
Summoning : وهي تلك التي تتضمن تجارب تنادي الظاهرة أو تستدعيها أمامنا. (4-3) الأفكار الرئيسية في الكتاب
كان بيكن يؤمن بأن للبحث أهمية عظمى. وكان يرى في الوقت ذاته أن منهجه جديد كل الجدة، فهو ليس استمرارا للمناهج القديمة أو إصلاحا لها، وإنما هو محاولة جديدة لم يجربها أحد من قبل. ولا شك أن قيمة أي منهج لا تقاس إلا بنتائجه؛ ومن هنا كان بيكن يلح أشد الإلحاح على تطبيق مشروعاته العلمية حتى يتسنى تجربة مناهجه الجيدة عمليا واختبارها من خلال التطبيق العلمي لها.
وتنحصر قيمة المنهج عند بيكن في أنه الأداة التي تساعد الإنسان على توسيع أفقه العقلي، وعلى كشف المناطق المجهولة من العالم، سواء أكانت هذه المناطق مادية أم معنوية. ولقد كان بيكن يقارن عمله - في كثير من الأحيان - بعمل كولمبس في ميدان الكشف الجغرافي، ولهذه المقارنة دلالتها الواضحة؛ إذ إن نفس القوة التي دفعت كولمبس إلى الإبحار إلى أقصى الغرب، وإلى الأطراف النائية للعالم، هي التي دفعت بيكن إلى محاولة زيادة قدرة الذهن على السيطرة على العالم إلى أقصى مداها؛ فالغاية في الحالتين هي زيادة قوة الإنسان، وإحكام سيطرته على الطبيعة؛ ومن هنا قال بيكن مبررا جهوده في ميدان البحث المنهجي: «إنه لمن المخجل حقا في هذا الوقت الذي فتحت فيه آفاق العالم المادي - من أرض وبحار وسماء - أن تظل حدود العالم العقلي مقتصرة على كشوف القدماء وآرائهم.» ومما يثبت أن كلمة «العالم العقلي» هنا تشمل جميع ميادين المعرفة، ولا تقتصر على ذلك الميدان الذي طالما تحدث عنه، وهو ميدان العلم الطبيعي التجريبي، قوله في النص الآتي: «وربما تساءل البعض: هل نحن نرمي إلى إنهاض الفلسفة الطبيعة وحدها وفقا لمنهجنا، أو نرمي إلى إنهاض العلوم الأخرى بدورها كالمنطق والأخلاق والسياسة؟ إننا قطعا نعتزم إدراج هذه العلوم كلها (ضمن منهجنا)، وكما أن المنطق الشائع - الذي ينظم الأمور كلها بواسطة الأقيسة - لا يطبق على العلم الطبيعي وحده وإنما على كل علم آخر، فإن منهجنا الاستقرائي يمتد بدوره إلى كل العلوم الأخرى؛ ذلك لأننا نعتزم جمع تاريخ وقوائم للاختراع، خاصة بالغضب والخوف والخجل وما شابهها، وكذلك بأمثلة في الحياة المدينة وبعمليات الذاكرة والتركيب والتقسيم والحكم وما شاكلها، تماما كما نفعل في الحرارة والبرودة والضوء والنبات وما إليها»،
12
وبعبارة أخرى فالمنهج العلمي ينبغي، في رأيه، أن يطبق على جميع مجالات الفكر، وإن لم يكن وقته قد اتسع إلا للكلام عن تطبيقاته في مجال العلوم التجريبية فحسب. (4-4) الأوهام الأربعة
ربما كان أشهر أجزاء كتاب «الأورجانون الجديد»، بل أشهر أجزاء كتاباته كلها، وهو ذلك الجزء الذي يتحدث فيه بيكن عن مظاهر الزلل في ذهن الإنسان؛ أعني الأوهام الأربعة، وقد ظهرت هذه الفكرة في كتابات مبكرة لبيكن، فتحدث في كتاب «إنهاض العلم» عن أوهام الجنس والسوق والكهف دون أن يذكر أسماءها،
13
ولكنه عالجها على أكمل وجه في الباب الأول من «الأورجانون الجديد»، وتتعلق هذه الأوهام بالطبيعة البشرية مما هي كذلك، وبالطبيعة الفردية لكل شخص، وبالألفاظ ووسائل تداول الأفكار ، وبالمذاهب الباطلة في الفلسفة والعلم؛ وبذلك يكون مذهب الأوهام الأربعة عند بيكن خلاصة لنقده الشامل لتطور العقل البشري، وتحديدا للاتجاه الذي ينبغي أن يسير فيه إصلاح العلم، وإن يكن من أصعب الأمور، كما أدرك هو ذاته، أن يتخلص العقل من كل الأوهام المتأصلة فيه، ويبدأ صفحة جديدة ناصعة البياض من تاريخه. (1)
تتعلق أوهام الجنس
अज्ञात पृष्ठ