56

أدب الموعظة

أدب الموعظة

प्रकाशक

مؤسسة الحرمين الخيرية

संस्करण संख्या

الأولى ١٤٢٤هـ

शैलियों

هذا وسيأتي مزيد بيان لهذه الفقرة في الفقرة الآتية: ٢٤ـ ألا يحرص على إبداء رأيه في كل أمر، وألا يقول كل ما يعلم: فاللائق بالواعظ أن ينظر في العواقب، وأن يراعي المصالح؛ فلا يحسن به أن يبدي رأيه في كل صغيرة وكبيرة، ولا يلزمه أن يتكلم بكل نازلة؛ لأنه ربما لم يتصور الأمر كما ينبغي، وربما أخطأ التقدير، وجانب الصواب، والعرب تقول في أمثالها: "الخطأ زاد العجول"١. بخلاف ما إذا تريث وتأنى؛ فإن ذلك أدعى لصفاء القريحة، وأحرى لأن يختمر الرأي في الذهن، وأخلق بالسلامة من الخطأ. والعرب تمدح من يتريث، ويتأنى، ويقلّب الأمور ظهرا لبطن، وتقول فيه: "إنه لحُوّل قُلّب"٢. بل ليس من الحكمة أن يبدي رأيه في كل ما يعلم حتى لو كان متأنيا في حكمه، مصيبا في رأيه؛ فما كل رأي يجهر به، ولا كل ما يعلم يقال. بل الحكمة تقتضي أن يحتفظ الإنسان بآرائه إلا إذا استدعى المقام ذلك، واقتضته الحكمة والمصلحة. وزن الكلام إذا نطقت فإنما ... يبدي العقول أو العيوب المنطق قال أحد الحكماء: "إن لابتداء الكلام فتنة تروق وجدة تعجب؛ فإذا سكنت القريحة، وعدل التأمل، وصفت النفس - فليعد النظر، وليكن فرحه بإحسانه مساويا لغمّه بإساءته"٣. وقال ابن حبان ﵀: "الرافق لا يكاد يسبق كما أن العجل لا يكاد

١ مجمع الأمثال، للميداني١/٤٣١. ٢ الأمثال لأبي عبيد، ص١٠٠. ٣ زهر الآداب للحصري القيرواني١/١٥٤.

1 / 58