अरबी भाषा का साहित्य
أدبيات اللغة العربية
शैलियों
ولما كان القرآن الحكيم منزلا بلغة قريش أصبحت السيادة لها على لغة حمير وغلبت عليها وعلى جميع لغات العرب، ودان لها الخطباء والشعراء وسائر المتكلمين بالعربية، وصارت بعد ذلك هي اللغة المتداولة في المكاتبات والمؤلفات في جميع العلوم إلى يومنا هذا، والفضل في بقائها وحفظها إنما يرجع إلى الكتاب المجيد وحده، ولما فتح المسلمون بلاد الشام والعراق والفرس ومصر وأفريقية والمغرب وغير ذلك من البلاد، انتشرت اللغة العربية بانتشار العرب وتغلبت على لغاتها الأصلية، ولكنها لم تعم جميع الناس دفعة واحدة شأن كل لغة جديدة في مبدأ انتشارها.
ولقد كان هذا الانتشار سببا لظهور اللحن على لسان من تكلم بالعربية من غير أهلها، وكذا على لسان بعض أهلها من المخالطين لهؤلاء. وهذا أمر كان متوقع الحصول؛ لأن اللغة ملكة صناعية تؤخذ مفرداتها وأساليبها بالتلقين.
فالمتكلم من العرب حين كانت ملكة اللغة العربية موجودة فيهم يسمع كلام أهل جيله وأساليبهم في مخاطبتهم وكيفية تعبيرهم عن مقاصدهم، كما يسمع الصبي استعمال المفردات في معانيها، فيلقنها أولا ثم يسمع التراكيب بعدها فيلقنها كذلك، ثم لا يزال سماعهم يتجدد في كل لحظة ومن كل متكلم، واستعماله يتكرر إلى أن يصير ذلك ملكة وصفة راسخة ويكون كأحدهم. فلما خالط العرب غيرهم صار الناشئ منهم يسمع في العبارة عن المقاصد كيفيات أخرى غير الكيفيات التي كانت للعرب فيعبر بها عن مقصوده ويسمع كيفيات العرب أيضا، فاختلط عليه الأمر وأخذ من هذه وهذه. ولقد وفى ابن خلدون في مقدمته هذا المقام حقه من البيان.
وإنك لترى اليوم من المتكلمين بلغتنا من الإفرنج ما يوضح لك ذلك من لهجتهم وأساليب عباراتهم، التي هي في الحقيقة أساليب لغتهم الأصلية صبغوها بصبغة عربية.
ولقد ظهر شيء من اللحن في كلام الموالي والمتعربين من أول عهد الإسلام، من ذلك ما روي أن رجلا لحن بحضرة النبي
صلى الله عليه وسلم
فقال: «أرشدوا أخاكم فقد خل.» وكتب كاتب لأبي موسى الأشعري إلى عمر - رضي الله عنه - فلحن، فكتب عمر إلى أبي موسى أن «اضرب كاتبك سوطا واحدا.» غير أن اللغة في العصر الأول كانت ملكتها مستحكمة وما ظهر من اللحن كان يسيرا، وفي أوائل الدولة الأموية أخذ اللحن يفشو وينتشر وانتقل من الأعاجم إلى العرب أنفسهم من أبناء الخلفاء والأمراء والخاصة والعامة. ومن شواهد ذلك أن زيادا لما أوفد ابنه عبيد الله إلى معاوية كتب إليه معاوية أن «ابنك كما وصفت ولكن قوم لسانه»، وجاء رجل إلى زياد - وهو أمير البصرة - فقال: «أصلح الله الأمير! توفي أبانا وترك بنونا»، فقال زياد متعجبا منكرا: «توفي أبانا وترك بنونا!» وقالت ابنة أبي الأسود الدؤلي له يوما: «ما أحسن السماء؟» فقولي: ما أحسن السماء! وافتحي فاك.» وسمع أبو الأسود قارئا يقرأ قوله تعالى:
أن الله بريء من المشركين ورسوله
بجر «رسوله»، فأكبر ذلك وقال: «عز وجه الله أن يبرأ من رسوله!» وكان هذا سببا في وضع علامات الإعراب للمصحف بأمر زياد.
وقال الحجاج يوما للشعبي: «كم عطاءك؟» فقال: «ألفين»، قال: «ويحك! كم عطاؤك؟» فقال: «ألفان»، قال: «كيف لحنت أولا؟» قال: «لحن الأمير فلحنت، فلما أعرب أعربت.» وقيل لعبد الملك بن مروان: «لقد عجل إليك الشيب يا أمير المؤمنين»، فقال: «شيبني ارتقاء المنابر وتوقع اللحن.» وكان الوليد بن عبد الملك كثير اللحن وله في ذلك نوادر كثيرة.
अज्ञात पृष्ठ