चिकित्सक की शिष्टाचार पुस्तक
كتاب أدب الطبيب
शैलियों
فأما الإنسان الفاضل، فلا يأخذ من الغذاء، ولا من الجماع، إلا بحسب حاجته فقط، والمقدر لذلك هو العقل. ولأجل أن الطبع يغتر باللذات، فيريد من الأمور اللذيذة أكثر من حاجة الجسم فى بقائه، وصلاحه، والعقل يريه قبح ذلك، وفساده، وقعت بينهما محادثة، ومناظرة، وحرب، لا يقدر الإنسان العاقل، الفاضل، على توسطها، وتعديلها، وطفى نارها، إلا بقوة عظيمة نالته، جعلها البارئ تعالى كالآلة للحرب، ليقدر بها المحارب على مقارعة محاربه. فإن بادر العقل إليها، واستعان بها على محاربة الطبع، قهره، وظهرت رئاسته، وقدر على إظهار عدله، وأمكنه وضع الأمور مواضعها، لأن الملك والرئاسة قد حصلت له وحده، وانهزم الطبع الذى هو ضده. وهذه الآلة هى القوة الغضبية، التى جعلت كالسيف للمحارب. فمن قوى على خصمه، استعان بها فى حربه.
ولما كانت حكمة البارئ تعالى واحدة، لا اختلاف فيها، شابهت بعضها بعضا، ولذلك يوجد فى الإنسان من الحكم والنظر، مثل ما فى العالم بأسره. ولهذه العلة قالت القدماء: الإنسان هو العالم الأصغر. ولذلك يجد العاقل من الناس من قدرة البارئ تعالى، ولطفه بخلقه، وجوده عليهم، ما لا يجده الجاهل. فيكون العاقل بذلك فى نور دائم، ولذة لا تنقطع، ونعمة لا تفارقه، من فردوس الحكمة التى هو دائما منها فى سرور، والجاهل فى ظلمات وشقاء.
فالعاقل لذلك يعلم أن الملك فى ملكه، والرئيس فى رئاسته، والعالم فى علمه، لم يميزهم البارئ تعالى من سائر خلقه، إلا بقوة وسعادة من عنده، خصهم بها، لنفع البرايا، وصلاح الكل، كما ميز العقل من الطبع.
ولذلك وجب عليهم أن يقوموا للعالم بما نصبوا له. فكما أن العاقل يجتهد فى تقويم الطبع، كذلك على الملك أن يجهد نفسه فى صلاح رعيته. وكما أن العقل، إذا خالفه الطبع، يستعين على مقاومته بالقوة الغضبية، كذلك ينبغى للملك أن يستعين بهذه القوة بعينها، عند الخلاف عليه، إذا كان سالكا فى تدابيره طرق العدل. وكما أن المحارب لا يصلح له تجريده سيفه، إلا عند الخوف من عدو، فكذلك الملك، لا يصلح له استعمال الغضب، إلا عند خوفه على فساد ملكه، لأن له قوى نافذه، يمكنه بها تدبير 〈شئونه〉، بغير غضب.
فإذن أعظم ما احتيج إلى الملك فيه، هو حفظ ملكه، واستجلاب المنافع له، ولرعيته. ولا يتم ذلك للملك، أو يكون متيقظا مستضيئا بنور العقل، والشريعة، مستمدا الرأى والتدبير من أهلها. وبذلك يظهر شرفه، ويزين ملكه، فيكون أهل العلم، والدين، فى ملكه، مشرفين أعزاء، وأهل الشر والجهل، مرذولين أذلاء.
पृष्ठ 154