فلو أن هذه الخصال كلها جمعت في رجل واحد، لكان يعظم في عينك، ويكبر شأنه في صدرك، وتعظم منزلته عندك، ويأخذ بقلبك كله؛ فهذه الأشياء لو اجتمعت في رجل واحد كانت عارية، وهي عطاء من ربه، فعندئذ لا يكون من ملكه رأس إبرة وهو مخلوق يفنى ويبلى، فكيف بالعالم الذي لا يشبه علمه وغناه، وجوده وكرمه، وحلمه ومجده، وبهاؤه وجمالته، ورحمته ورأفته، وقوته وقدرته، وسلطانه وبصره بالأشياء، شيئًا مما عند الآدميين، وإنما اتفقا
بالاسم، فأما الأشباه فتعالى ربنا رب العالمين عن أن يشبهه شيء من خلقه؛ فإذا عرفت هذا من ربك فكيف يكون على قلبك أموره، ووعد ووعيده، وضمانه وكفالته وقوته؟ فمن استنار قلبه بالمعرفة سكن قلبه واطمأن إلى ربه، ووثق بقوله، فعظمت منزلة المؤمنين عند الله تعالى، حين قبلوا الإيمان بالجملة، ثم أستأداهم الوفاء عند النوائب، فمنهم من وفى، ومنهم من سقط، وبقى في الطرق، فأظلم عليه الهوى، ووقع من التخليط في الذنوب؛
1 / 81