فاشتغلت عنه، فسهوت ولهوت عن ربك الكريم، الذي خلقك فسواك فعدلك، وجمل صورتك، ودعاك فأعطاك وحباك، وأملك ومناك، ومن عظيم الخطر ومن ظلمة الكفر نجاك.
فهذا الذي وصفنا من تركك الشهوات وتجنبك اللذات، ليس تحريم الذي أحل الله لك، ولكن تأديب لنفسك، ورياضة لها، لأن هذه النعم إنما أمرت وأذن لك في تناولها، على الأدب الذي أدبت به على لسان الكتاب والرسول؛ فلما ساء أدبك لما فيه من أخلاط السوء التي مالت بك، لم تجد بدًا من أن تعظمها مرة، حتى يجد القلب فراغًا إلى تعلم الأدب، فتأخذ طريقًا؛ فأما قلب معلق بالشهوات، مأسور باللذات، مقهور بالمنى، محبوس في سجن الهوى في بئر مظلم، فكيف يمكنه أن يتناول ما أعطى بإذن الله؛ فإن بعض من خفى عليه هذا النوع من العلم، كبر في صدره هذا، حتى ربما يفرح إلى الاحتجاج بقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما
1 / 63