============================================================
كتاب أدب الملوك في بيان حقائق التصوف الرسوم وتجتمع في المعاني، تعلق كل واحد منهم بنسبه في علمه وانفرد بمعناه عن غيره، وكلهم قد خصوا بمعنى من العلم دون الآخر، فصار ذلك سيرته وهو الغالب عليه وذلك مقصده: ثم رأيت جميع أهل العلوم قد قصر كل واحد منهم عن استعمال علمه ورضي بتعلمه ودرسه ونسي حقائق واجبه.
فرأ= يت = (3) عامة الفقهاء تعلقوا برخص العلم، فجمعوا المال وتعرضوا للرياسة واتبعوا الشهوات، فرغبوا في الدنيا وغفلوا عن حقائق الفقه، إذ يقول المصطفى صلوات الله عليه وسلامه - : إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين وزهده في الدنيا وعرفه عيوب نفسه ، فأبان - صلوات الله عليه وسلامه - أن التفقه تفقد عيوب النفس وتعرف حقائق خفيها ودقائق أحكامها وأسباب هواها، وقد روي عن الحسن البضري - رحمة الله عليه - أنه قيل له : إنك لتحدثنا أشياء ما نسمع من فقهائنا ، فقال : ويحكم وهل رأيتم فقيها قط؟ إنما الفقيه الزاهد عن الدنيا الراغب عن الآخرة البصير بدينه 12 الدائم في العبادة المشتاق إلى لقاء الله تعالى.
والعالم عالمان: عالم الدنيا وعالم الآخرة، فأما عالم الدنيا فهو يصير بالقال والقيل، وأما عالم الآخرة فهو من تفكر في القرآن، فأحل حلاله وحرم حرامه وعمل بمحكمه وآمن بمتشابهه، وتفكر في آياته فأسهر ليله وأظما نهاره ، واشتاق إلى لقاء ريه عز وجل، فهذه حقائق الفقه تحقق بها قليل من الفقهاء أو تورعوا عن غيرها، فأدوا حق العلم بالامساك عن الدنيا والرضى باليلغة، فأولئك الفقهاء حقا، والباقون علومهم حجة عليهم ثم رأيت أصحاب الحديث : رضوا من العلوم بدرسها، ومن الأحكام بكتبها، فتعلقوا بالرواية والدراية والكتب، حتى إن بعضهم ليجمع كثيرا من العلم ويكتب كثيرا من الأخبار، فلا يستعمل من ذلك حديثا، قد رضي من نفسه بدرسه وتعلمه، وغفل عن استعماله، فصده الشغل بكتب ذلك عن كثير من الفرائض، وقد قال شعبة : إن هذا الحديث يصدكم عن ذكر الله وعن قراءة القرآن وعن الصلاة، فهل أنتم منتهون؟ ثم قليل منهم كتبوا العلم فاشتغلوا باستعماله فصاروا آئمة في الدين وسراجا يستضيء به سائر )9) العجم الفهرس */190.
11)- 13) حلية الأولياء 147/2، اللمع 17، 13 .
ن ب ن
पृष्ठ 3