ومحروق أغصانه ويخلطونهما معا ويلتونها في العسل مع يسير من حضض مر ويبيعون ذلك على دواء مسك.
واختطرت يوما على واحد منهم وقد اعتم وارتدى في زي حاج وبسط بساطا نظيفا من العقار الهندي، ومعه مهراس نحاس وعن يمينه طبق عود كبير جديد بديع الدهان رائق المنظر مملوءا أنيسونا مطحونا خلط معه من السميد المقلو مثلا بمثل أو قريبا من ذلك، وعلى يساره نافخ نحاس وعليه طنجير نحاس قد وضع فيه عسلا ورفعه على النار، وجعل يأخذ من ذلك العقار شيئا شيئا بقدر ما يدري أنه يفوه به ذلك المجموع في الطبق ودرسه ونخله بمنخل ظريف له وغلي العسل في أثناء ذلك وارتفع وهو يوهم الحاضرين عليه المشاهدين لفعله أنه إنما يصنع المعجون من العقار المذكور فلما ارتفع العسل قليلا أنزله عن النار وحركه بملعقة كانت بيده حتى رضي سخانته ثم ألقي فيه العقار المسحوق وحركه ثم صبه على المجموع المذكور في الطبق وعجنه في ذلك الغبار واتخذه رغفا رقاقا بعد أن وضع فيه فانيد أبيض وشغل الناس بالكلام في أثناء تصرفه بإنشاد قصيدة ووصف حكاية حتى اشتدت الرغف ببرد الهواء وقطعا قطعا بمقص عنده ووضعها في قراطيس وباعها منهم بالزحام على جوارش أنيسون بمثل ما كانوا يشترون به الطيب الذي لم يخلط فيه سميد، وكذلك يفعلون بالاكحال والشيافات والشحوم ويلونونها بالأصباغ.
وشأن المحتسب مع هؤلاء أن يمنعهم من ذلك وينبه على مكرهم ويبين للناس فعلهم، ويأخذ الصيادلة الذين نصبوا أنفسهم بالأسواق وانصفوا بالجدار إلا يخلطوا عقار نسخة بوجه من الوجوه إلا بمحضر الأمين عليهم فيأتون إليه وكل
1 / 45