अदब दुनिया व दीन

अल-मावर्दी d. 450 AH
162

अदब दुनिया व दीन

أدب الدنيا والدين

प्रकाशक

دار مكتبة الحياة

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

1407 अ.ह.

प्रकाशक स्थान

بيروت

शैलियों

सूफ़ी
إنَّ الْعَدُوَّ وَإِنْ أَبْدَى مُسَالَمَةً ... إذَا رَأَى مِنْك يَوْمًا فُرْصَةً وَثَبَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَوَقَّى الْإِفْرَاطَ فِي مَحَبَّتِهِ، فَإِنَّ الْإِفْرَاطَ دَاعٍ إلَى التَّقْصِيرِ. وَلَئِنْ تَكُونَ الْحَالُ بَيْنَهُمَا نَامِيَةً أَوْلَى مِنْ أَنْ تَكُونَ مُتَنَاهِيَةً. وَقَدْ رَوَى ابْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «أَحْبِبْ حَبِيبَك هَوْنًا مَا، عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَك يَوْمًا مَا، وَأَبْغِضْ بَغِيضَك هَوْنًا مَا، عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَك يَوْمًا مَا» . وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁: لَا يَكُنْ حُبُّك كَلَفًا، وَلَا بُغْضُك تَلَفًا. وَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ: وَكُنْ مَعْدِنًا لِلْخَيْرِ وَاصْفَحْ عَنْ الْأَذَى ... فَإِنَّك رَاءٍ مَا عَلِمْت وَسَامِعُ وَأَحْبِبْ إذَا أَحْبَبْت حُبًّا مُقَارِبًا ... فَإِنَّك لَا تَدْرِي مَتَى أَنْتَ نَازِعُ وَأَبْغِضْ إذَا أَبْغَضْت غَيْرَ مُبَايِنٍ ... فَإِنَّك لَا تَدْرِي مَتَى أَنْتَ رَاجِعُ وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ: لَا تَأْمَنَنَّ مِنْ مُبْغِضٍ قُرْبَ دَارِهِ ... وَلَا مِنْ مُحِبٍّ أَنْ يَمَلَّ فَيَبْعُدَا وَإِنَّمَا يَلْزَمُ مِنْ حَقِّ الْإِخَاءِ بَذْلُ الْمَجْهُودِ فِي النُّصْحِ، وَالتَّنَاهِي فِي رِعَايَةِ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْحَقِّ، فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ إفْرَاطٌ وَإِنْ تَنَاهَى، وَلَا مُجَاوَزَةُ حَدٍّ وَإِنْ كَثُرَ وَأَوْفَى، فَتَسْتَوِي حَالَتَاهُمَا فِي الْمَغِيبِ وَالْمَشْهَدِ وَلَا يَكُونُ مَغِيبُهُمَا أَفْضَلَ مِنْ مَشْهَدِهِمَا وَأَوْلَى، فَإِنَّ فَضْلَ الْمَشْهَدِ عَلَى الْمَغِيبِ لُؤْمٌ، وَفَضْلَ الْمَغِيبِ عَلَى الْمَشْهَدِ كَرْمٌ، وَاسْتِوَاؤُهُمَا حِفَاظٌ. وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ: عَلَيَّ لِإِخْوَانِي رَقِيبٌ مِنْ الصَّفَا ... تَبِيدُ اللَّيَالِي وَهُوَ لَيْسَ يَبِيدُ يُذَكِّرُنِيهِمْ فِي مَغِيبِي وَمَشْهَدِي ... فَسِيَّانِ مِنْهُمْ غَائِبٌ وَشَهِيدُ وَإِنِّي لَأَسْتَحْيِي أَخِي أَنْ أَبِرَّهُ ... قَرِيبًا وَأَنْ أَجْفُوَهُ وَهُوَ بَعِيدُ وَهَكَذَا يَقْصِدُ التَّوَسُّطَ فِي زِيَارَتِهِ وَغَشَيَانِهِ، غَيْرَ مُقَلِّلٍ وَلَا مُكْثِرٍ. فَإِنَّ تَقْلِيلَ الزِّيَارَةِ دَاعِيَةُ الْهِجْرَانِ، وَكَثْرَتَهَا سَبَبُ الْمَلَالِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِأَبِي هُرَيْرَةَ ﵁: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ

1 / 177