अदब दुनिया व दीन

अल-मावर्दी d. 450 AH
156

अदब दुनिया व दीन

أدب الدنيا والدين

प्रकाशक

دار مكتبة الحياة

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

1407 अ.ह.

प्रकाशक स्थान

بيروت

शैलियों

सूफ़ी
فَمَا اللُّجَجُ الْمِلَاحُ بِمُرْوِيَاتٍ ... وَتَلْقَى الرِّيَّ فِي النُّطَفِ الْعِذَابِ وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: لِيَكُنْ غَرَضُك فِي اتِّخَاذِ الْإِخْوَانِ وَاصْطِنَاعِ النُّصَحَاءِ تَكْثِيرَ الْعُدَّةِ لَا تَكْثِيرَ الْعِدَّةِ، وَتَحْصِيلَ النَّفْعِ لَا تَحْصِيلَ الْجَمْعِ، فَوَاحِدٌ يَحْصُلُ بِهِ الْمُرَادُ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ تُكَثِّرُ الْأَعْدَادَ. وَإِذَا كَانَ التَّجَانُسُ وَالتَّشَاكُلُ مِنْ قَوَاعِدِ الْأُخُوَّةِ وَأَسْبَابِ الْمَوَدَّةِ، كَانَ وُفُورُ الْعَقْلِ وَظُهُورُ الْفَضْلِ يَقْتَضِي مِنْ حَالِ صَاحِبِهِ قِلَّةَ إخْوَانِهِ؛ لِأَنَّهُ يَرُومُ مِثْلَهُ، وَيَطْلُبُ شَكْلَهُ وَأَمْثَالُهُ مِنْ ذَوِي الْعَقْلِ وَالْفَضْلِ أَقَلُّ مِنْ أَضْدَادِهِ مِنْ ذَوِي الْحُمْقِ وَالنَّقْصِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ فِي كُلِّ شَيْءٍ هُوَ الْأَقَلُّ، فَلِذَلِكَ قَلَّ وُفُورُ الْعَقْلِ وَالْفَضْلِ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَك مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ [الحجرات: ٤] . فَقَلَّ بِهَذَا التَّعْلِيلِ إخْوَانُ أَهْلِ الْفَضْلِ لِقِلَّتِهِمْ، وَكَثُرَ إخْوَانُ ذَوِي النَّقْصِ وَالْجَهْلِ؛ لِكَثْرَتِهِمْ. وَقَدْ قَالَ فِي ذَلِكَ الشَّاعِرُ: لِكُلِّ امْرِئٍ شَكْلٌ مِنْ النَّاسِ مِثْلُهُ ... فَأَكْثَرُهُمْ شَكْلًا أَقَلُّهُمْ عَقْلَا وَكُلُّ أُنَاسٍ آلِفُونَ لِشَكْلِهِمْ ... فَأَكْثَرُهُمْ عَقْلًا أَقَلُّهُمْ شَكْلَا لِأَنَّ كَثِيرَ الْعَقْلِ لَسْت بِوَاجِدٍ ... لَهُ فِي طَرِيقٍ حِينَ يَسْلُكُهُ مِثْلَا وَكُلُّ سَفِيهٍ طَائِشٍ إنْ فَقَدْته ... وَجَدْت لَهُ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ عِدْلَا وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْنَا، فَقَدْ تَنْقَسِمُ أَحْوَالُ مَنْ دَخَلَ فِي عَدَدِ الْإِخْوَانِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: مِنْهُمْ مَنْ يُعِينُ وَيَسْتَعِينُ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُعِينُ وَلَا يَسْتَعِينُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَعِينُ وَلَا يُعِينُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعِينُ وَلَا يَسْتَعِينُ. فَأَمَّا الْمُعِينُ وَالْمُسْتَعِينُ فَهُوَ مُعَاوِضٌ مُنْصِفٌ يُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ، وَيَسْتَوْفِي مَا لَهُ. فَهُوَ الْقُرُوضُ يُسْعِفُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَيَسْتَرِدُّ عِنْدَ الِاسْتِغْنَاءِ، وَهُوَ مَشْكُورٌ فِي مَعُونَتِهِ، وَمَعْذُورٌ فِي اسْتِعَانَتِهِ. فَهَذَا أَعْدَلُ الْإِخْوَانِ. وَأَمَّا مَنْ لَا يُعِينُ وَلَا يَسْتَعِينُ فَهُوَ مُنَازِلٌ قَدْ مَنَعَ خَيْرَهُ، وَقَمَعَ شَرَّهُ. فَهُوَ لَا صَدِيقٌ يُرْجَى، وَلَا عَدُوٌّ يُخْشَى. وَقَدْ قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ ﵁: التَّارِكُ لِلْإِخْوَانِ

1 / 171