317

अचमल कामिला

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

संपादक

علي الرضا الحسيني

प्रकाशक

دار النوادر

संस्करण

الأولى

प्रकाशन वर्ष

1431 अ.ह.

प्रकाशक स्थान

سوريا

शैलियों

وقد يخطر على بالك أن قوله تعالى: ﴿مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ يدل على أن التطوف بالصفا والمروة مطلوب للشارع، ومعدود من الطاعات التي أقل درجاتها الندب، وقوله: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ يقتضي رفع الإثم عن المتطوف بهما، والتعبير برفع الإثم عن الشيء يأتي في مقام الدلالة على إباحته، فما هو الأمر الداعي إلى أن يقال في هذه الشعيرة: لا إثم على من يفعلها؟ ويرفع هذا الاستشكال بالوقوف على سبب نزول الآية، وهو أن الأنصار كانوا في الجاهلية يُهِلّون "يُحرِمون" لمناة، ثم يطوفون بين الصفا والمروة من أجل صنمين، وهما: أساف، ونائلة، كانا عليهما، فلما جاء الإسلام، تحرجوا من الطواف بينهما. في "صحيح البخاري" عن عاصم، قال: قلت لأنس بن مالك ﵁: أكنتم تكرهون السعي بين الصفا والمروة؟ قال: نعم؛ لأنها كانت من شعائر الجاهلية حتى أنزل الله: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾، فاستبان بهذا أن الآية وردت لدفع التحرج الذي كان يتردد في صدور الأنصار من التطوف بالصفا والمروة.
﴿وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾:
﴿تَطَوَّعَ﴾: من التطوع، وهو فعل الطاعة، فريضة كانت أو نافلة. و﴿خَيْرًا﴾: أصله بخير؛ لأن تطوع إنما يتعدى بالباء، ولا يتعدى بنفسه، ثم حذفت الباء في نظم الكلام؛ نحو: أمرتك الخيرَ، والأصل: أمرتك بالخير، وذلك معنى قول علماء العربية: كذا منصوب بنزع الخافض. و﴿شَاكِرٌ﴾: من الشكر، وشكر الله لعباده: جزاؤهم على ما يعملونه من الصالحات ابتغاء مرضاته الجزاء الأوفى. والمعنى: ومن أتى بالحج أو العمرة طاعة لله، فاز

1 / 283