﴿وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ﴾:
﴿تَوَلَّوْا﴾: أعرضوا، والشقاق: المخالفة والعداوة، والمعنى: وإن أعرضوا عن الإيمان الذي تدعوهم إليه، فإنما هم في مشاقة لك وللمؤمنين، ومن يشاقق الرسول والمؤمنين، فقد شاق الله، وما له في الهداية من نصيب. وقال: ﴿هُمْ فِي شِقَاقٍ﴾ مبالغة في وصفهم بالشقاق؛ حيث جعله مستوليًا عليهم استيلاء الظرف على ما يوضع فيه.
﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ﴾:
أفادت الجملة السابقة أن إعراض أولئك اليهود والنصارى عن دعوة الحق يقضي بأنهم في مشاقة وعداوة للنبي ﵊، وشأن العدو المشاق للأنبياء أن يبذل جهده في إيذائهم، والصد عن سبيلهم. وجاءت هذه الجملة بوعد الله لرسوله بأنه سيعصمه من أولئك المشاقين، فلا تصل إليه أيديهم بأذى.
ويكفي: من الكفاية بمعنى: الوقاية، وفي الآية إيجاز ظاهر؛ إذ الكفاية إنما تتعلق بالأفعال لا بالذات، فالأصل: يكفيك الله شرهم؛ أي: يقيك منه. ويصح أن تحمل على معنى: الإغناء، فيكون المعنى: فسيغنيك الله عن مقاومتهم. وتصدير الفعل بالسين دون سوف إذ قال: ﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ﴾ مشعر بأن ظهوره عليهم واقع في زمن قريب من زمن نزول الآية، وقد أوفى الله بعهده، فأظهره عليهم، ومنعه منهم؛ بتفريق كلمتهم، وقتل من لا بد من قتله، وإجلاء من يكفي في السلامة من شره الإجلاء.
﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾:
هذه الجملة واردة مورد التقرير والتأكيد لما تضمنته الجملة السابقة