188

अचमल कामिला

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

अन्वेषक

علي الرضا الحسيني

प्रकाशक

دار النوادر

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

1431 अ.ह.

प्रकाशक स्थान

سوريا

शैलियों

لهم على عدم العمل بالتوراة، مع إقرارهم بصحة أحكامها. وقوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾ واقع موقع الحال المؤكدة لقوله: ﴿أَقْرَرْتُمْ﴾؛ كما يقال: فلان مقر على نفسه بكذا، شاهدًا عليها. ويصح أن يكون قوله: ﴿أَقْرَرْتُمْ﴾ إخبارًا عن اعتراف سلفهم بالميثاق، وقد عرفنا أنه قد يجيء ما يصدر من السلف في صورة خطاب للخلف. وقوله: ﴿وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾ إخبار عما وقع من اليهود الحاضرين في عهد نزول القرآن الكريم. والمعنى: اعترفتم؛ أي: اعترف أسلافكم بالميثاق، وأنتم تشهدون الآن على إقرارهم وقبولهم له. فيكون الإقرار في قوله: ﴿أَقْرَرْتُمْ﴾ صادرًا من سلفهم، والشهادة مسندة إلى اليهود الحاضرين عند نزول الآية.
﴿ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ﴾:
هذا تقريع لهم على عصيانهم بارتكاب ما نُهوا عنه. وقد وردت هذه الجملة على أسلوب قول العرب: "ها أنت ذا قائمًا". فالضمير ﴿أَنْتُمْ﴾ مبتدأ، واسم الإشارة ﴿هَؤُلَاءِ﴾ خبر عنه، وجملة: ﴿تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ﴾ حال، وهي من قبيل الأحوال التي لا تحصل الفائدة من الإخبار إلا بذكرها. والمعنى: ثم أنتم - يا معشر اليهود - بعد إقراركم بالميثاق الذي أخذته عليكم، وبعد شهادتكم على أنفسكم بذلك، صرتم في حال غير الحال التي كنتم عليها، فنقضتم العهد، وارتكبتم ما نهيتم عنه من القتل والإخراج من الديار.
﴿تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾:
لما كان قتل بعضهم لبعض، وإجلاؤهم من ديارهم يحتاج إلى قوة وغلبة، بَيَّن تعالى أنهم يفعلون ذلك متعاونين عليه وهم آثمون ظالمون.

1 / 154