आलम मुहंदिसीन फी इस्लाम
أعلام المهندسين في الإسلام
शैलियों
في الجاهلية لاضطراب الأخبار عن عصورهم، ولما كانوا فيه من بداوة يعسر الحكم معها على مبلغ نهوضهم بمثل هذه الأعمال. وتمييز الأصيل منهم فيها والدخيل.
علي أن من ذكرناهم من المهندسين الإسلاميين وإن لم تحط عصورهم بمثل ما تقدم فقد ناب منابه فيهم ضياع ما ألف عنهم، فلم يكن عثورنا عليهم عفوا، وإنما قادتنا إليهم المصادفات أثناء المطالعات فالتقطناهم من هنا وهناك، وجمعنا شتاتهم في هذا الفصل، قصد أن يكون نواة لغيرنا من الباحثين ومثيرا لهممهم في التنقيب عن سواهم، حتى يصح بعد ذلك أن تجمع من هذه الأبحاث طبقات لمهندسينا تقوم مقام المفقود من طبقاتهم وهو في نظري أقل ما نكافئ به فئة رفعت رؤوسنا بما رفعته من قواعد العمران.
ولا بد لنا قبل الشروع فيما قصدناه من الإشارة إلى ما يزعمه بعض قاصري الاطلاع أو من أعمت الشعوبية بصائرهم من قصور العرب في غير الشرعيات واللسانيات من العلوم، واستدلالهم على قصورهم في الهندسة باستعانة الوليد بن عبد الملك في أبنيته بصناع من الروم. وذلك لبيان أنه زعم لا نصيب له من الصحة واستدلال مبني على استقراء ناقص، لأن العرب في صدر دولتهم كانوا قوما متبدين، شغلهم الفتح عن الالتفات إلى وسائل التحضر، وصرفهم جملة إلى الضرب في البلاد، ثم إلى النظر في تمكين ملكهم الجديد وتوطيده. فما يروى من استعانتهم حينئذ بمعاصريهم في بعض الفنيات لم يكن إلا عن تلك الحالة الملازمة بالضرورة لكل قوم حديثي الانتقال من البداوة، لم ينفضوا أيديهم بعد من الفتوح. ولكنهم لما ألقوا عصا التسيار، واطمأنت بهم الدار، لم يلبثوا أن نشطوا للفتح الثاني وهو الفتح العلمي، فأتوا في الفتحين على قصر المدة بما لم يسبق له مثيل في الأمم السالفة. وكان من ذلك أنهم ملكوا ناصية العلم كما ملكوا ناصية العالم
2
وأحدثوا لهم مدنية خاصة صبغوها بصبغتهم ووسموها بميسمهم في كل مظهر من مظاهرها. وأبقوا لهم الأثر البين فيما نقلوه من علوم الأوائل إما بالتنقيح والتهذيب أو الزيادة والاختراع فكان للهندسة من هذا الأثر تجليها في فرع البناء بذلك الطراز العربي البديع الآخذ بالأنظار المشاهد فيما خلفوه من الآثار. وحدث في هذا الفرع من التفنن ما لم يكن معروفا، كالبناء الحيري الذي أحدثه المتوكل العباسي في قصوره، فجعل تخطيطها على مثال تعبئة الجيوش، تشتمل على رواق فيه الصدر وهو مجلس الملك، وبها الكمان وهما الميمنة والميسرة لخواصه وخزائنه، فاشتهر واتبعه الناس فيه ولم يكونوا يعرفونه من قبل.
3
وكآيات الصناعة المدهشة الباقية إلى اليوم في قصر الحمراء بغرناطة، وهو الذي شهد الإفرنج أنفسهم بأنه في هندسته ونقوشه مبتدع على غير مثال سابق وقد حفظت لنا التواريخ الكثير الطيب من وصف قصورهم الفخمة وصروحهم الشاهقة
4
وما كان لهم فيها من إحكام الوضع وتشييد البنيان وتنميق الزخرف، كما حفظت لنا طائفة صالحة من أعمالهم في غير هذا الفرع - كشق الأنهار وعقد القناطر وإجراء الماء إلى المدن من المسافات الشاسعة، واتخاذهم له المصانع العجيبة
5
अज्ञात पृष्ठ