وأما الاستطراد (١)
فهو كل كلام خرجت منه، وأخذت في غيره مما يناسبه ويلابسه، مع أنه دخيل فيما عقد له التصدير. ومنه: قال البحتري أنشدني أبو تمام يهجو عثمان بن إدريس الشامي (٢)
وسابح هطل التّعداء هتّان ... على الجراء أمين غير خوّان
أظمى الفصوص ولم تظمأ قوائمه ... فخلّ عينيك في ظمآن ريّان
فلو تراه مشيحا والحصى فلق ... تحت السنابك من مثنى ووحدان
حلفت إن لم تثبّت أن حافره ... من صخر تدمر أو من وجه عثمان!
ثم قال: ما هذا الشعر؟ قلت: لا أدري؛ فقال هذا هو الاستطراد.
فقلت: فما معنى ذلك؟ [١٦/أ] قال: يريك وصف الفرس، وهو يريد هجاء عثمان. فأخذها البحتري فقال: (٣)
يهوي كما تهوي العقاب وقد رأت ... صيدا وينصبّ انصاب الأجدل
ما إن يعاف قذّى ولو أوردته ... يوما خلائق حمدويه الأحول!
وقال بشار بن برد (٤)
خليليّ من كعب أعينا أخاكما ... على دهره إن الكريم معين
ولا تبخلا بخل ابن قزعة إنّه ... مخافة أن يرجى نداه حزين (٥)
إذا جئته في حاجة سدّ بابه ... فلا تلقه إلا وأنت كمين!
_________
(١) تحرير التحبير:١٣٠
(٢) ديوان أبي تمام ٤:١٢٥
(٣) ديوان البحتري ٣:١٧٤١. وهما من قصيدة في مدح محمد بن علي بن عيسى القمي الكاتب. وفي أخبار أبي تمام أنه كانت بين الممدوح وبين حمدويه عداوة. وبين البيتين السالفين، في الديوان ثالث.
(٤) ذكرهما المبرد في الكامل، وهما في ملحق ديوانه ٤:٢١١.
(٥) بعد هذا البيت بيتان آخران قبل الخامس. (الثالث هنا).
1 / 63