العالم الفطن من حسن استنباطه، ويدهشه ما سمعه أو وقف عليه منه.
ولقد سئل يومًا عن الحديث «لعن الله المحلَّل له ...» (^١) فلم يزل يورد فيه وعليه حتى بلغ كلامه فيه مجلّدًا كبيرًا. وقلّ أن كان يُذكر له حديث أو حكم فيشاء أن يتكلّم عليه يومه أجمع إلا فعل. أو يقرأ بحضرته آيةٌ من كتاب الله تعالى ويشرع في تفسيرها إلا وقطع المجلس كلَّه فيها.
وأمّا ما خصّه الله تعالى به من معارضة أهل البدع في بدعتهم، وأهل الأهواء في أهوائهم، وما ألفه في ذلك من دحض أقوالهم وتزييف أمثالهم وأشكالهم، وإظهار عوارهم وانتحالهم، وتبديد شملهم، وقطع أوصالهم، وأجوبته عن شبههم الشيطانية، ومعارضتهم النفسانيّة (^٢) للشريعة الحنيفية المحمدية، بما منحه الله تعالى من البصائر الرحمانية والدلائل النقلية والتوضيحات العقلية، حتى انكشف قناع الحق، وبان فيما جمعه في ذلك وألّفه الكذب من الصدق، حتى لو أن أصحابها أحياء ووُفِّقوا (^٣) لغير الشقاء؛ لأذعنوا له بالتصديق، ودخلوا في الدين العتيق.
ولقد وجب على كلّ من وقف عليها، وفهم ما فيها أن يحمد الله تعالى على حسن توفيقه هذا الإمام لنصر الحقّ بالبراهين الواضحة العظام.
حدثني غير واحدٍ من العلماء الفضلاء النبلاء الممعنين بالخوض في
_________
(^١) أخرجه أحمد (٦٧١)، وأبو داود (٢٠٧٨) وغيرهما من حديث علي ﵁. وروي عن جماعة من الصحابة.
(^٢) كذا، ولعلها: «القياسية».
(^٣) (ط): «ووقفوا».
1 / 753