अंक और मानव निर्माण: गणना और मानव सभ्यताओं का पथ

ज़हरा सामी d. 1450 AH
115

अंक और मानव निर्माण: गणना और मानव सभ्यताओं का पथ

الأعداد وبناء الإنسان: العد ومسار الحضارات الإنسانية

शैलियों

إن هذه المناقشة مقتضبة بكل تأكيد؛ فنحن لم نتناول مختلف النتائج المثيرة، المرتبطة بالطرق التي يتعلم بها الأطفال الأعداد والمهارات الكمية المرتبطة بها. بالرغم من ذلك، فقد ركزت هذه المناقشة على بعض النتائج المهمة المتعلقة بغايتنا الأشمل؛ وهي توضيح الدور الذي تؤديه الأعداد في حياتنا، والدور الذي أدته على مدار تاريخ البشرية. إن الأعداد وطرق العد تغير الطريقة التي يفكر بها الأطفال في الكميات. وهي توفر مستوى جديدا من الدقة في التفكير العددي لدى البشر، وهو لم ينتج ببساطة عن التطور الطبيعي للدماغ، بل هو نتيجة النشأة في ثقافات محددة طورت طرقا للعد وغيره من المهارات ذات الصلة. وهذه الطرق والمهارات تعتمد في النهاية على مفردات الأعداد.

الفصل السابع

الكميات في عقول الحيوانات

بدأ علماء الحيوان مؤخرا في سبر أغوار ذكاء الأنواع الأخرى بطرق جديدة؛ ففي المختبرات والمواقع الميدانية حول العالم، يوضح الباحثون أن الرئيسات وغيرها العديد من أنواع الحيوانات أكثر ذكاء مما قد نتوقع، أو أكثر ذكاء مما كنا نعتقد على الأقل. وسنقدم مثالا على إحدى المهام الإدراكية المعقدة التي كانت تستخدم لاختبار ذكاء الرئيسات، وهي مهمة نفذها العلماء في معهد ماكس بلانك لعلم الإنسان التطوري، في مدينة لايبزيج في ألمانيا. في هذه المهمة، يوضع أحد قردة الشمبانزي في غرفة بها أسطوانة شفافة مصنوعة من مادة البلكسيجلاس، مثبتة في أحد الجدران. وهذه الأسطوانة ضيقة وعميقة إلى حد ما (عرضها 5 سنتيمترات، وطولها 26 سنتيمترا)؛ مما يجعل من المستحيل أن تصل أصابع الشمبانزي إلى قاعها. وفي قاع هذه الأسطوانة، يضع أحد الباحثين حبة من الفول السوداني، وقردة الشمبانزي تحب الفول السوداني؛ ومن ثم فإن الشمبانزي يرغب في أكل حبة الفول السوداني، لكنه مع الأسف الشديد لا يستطيع أن يفعل ذلك. بالرغم من ذلك، فمن حسن الحظ أنه يوجد حل لهذا السيناريو، وإن لم يكن واضحا في البداية. على بعد متر من الأسطوانة، يوجد إناء مياه يمكن للشمبانزي أن يشرب منه. هذا الإناء لا يمكن تحريكه، وكذلك هي الأسطوانة. فما الذي سيفعله شمبانزي جائع؟ إنه يرغب في حبة الفول السوداني لكنه لا يستطيع استخدام يديه، وليس لديه أداة طويلة صلبة لكي يحاول أن يغرسها في حبة الفول. (يشتهر الشمبانزي في البرية بمقدرته على استخدام أدوات الطعن؛ فهم يستخدمونها في قتل صغار الجلاجو على سبيل المثال من أجل الحصول على مقدار ضئيل من البروتين.) وبالرغم من ذلك، فإن ما يمتلكه الشمبانزي هو أداة سائلة؛ إنها المياه التي يستطيع أن يشربها. حين يوضع أطفال البشر في مثل هذا الموقف، فإن العديد منهم يواجهون صعوبة في التوصل إلى حل. والواقع أن الأطفال الذين تقدم إليهم هذه المهمة وهم في سن الرابعة يفشلون في معظم الأحوال تقريبا، ولا ينجح الأطفال في أداء هذه المهمة بانتظام نسبي إلا في سن الثامنة. والحل بالطبع هو نقل المياه من الإناء إلى الأسطوانة حتى تطفو حبة الفول السوداني، وترتفع إلى مكان يمكن الوصول إليه بالأسطوانة. وتستطيع نسبة جيدة من قردة الشمبانزي (الخمس تقريبا) أن تدرك أن عليها استخدام أفواهها لكي تطفو حبة الفول السوداني إلى السطح؛ ولهذا فهم يبصقون المياه على حبة الفول السوداني، بمقدار شربة في كل مرة. وبعضها يتمتع بالقدر الكافي من المثابرة الذي يجعل حبة الفول تطفو في مكان عال بالأسطوانة، فيستطيعون الوصول إليها بأيديهم. لقد نجحوا في المهمة!

1

إن هذه المهمة هي واحدة فقط من المهام التي تشير إلى مدى البراعة الإدراكية التي تتضح لدى أقرب إخوة لنا من الناحية الوراثية، ويوجد الكثير غيرها؛ فالأبحاث التي تجرى على الحيوانات قريبة الصلة منا، والعديد من الحيوانات غير قريبة الصلة، تزيد باستمرار من فهمنا للقدرة الإدراكية لتلك الحيوانات؛ فمن قردة الشمبانزي إلى غربان كاليدونيا الجديدة إلى الحيتان، قد أطاحت سلسلة من الاكتشافات في العقود الماضية الأخيرة بالعديد من الجدران الإدراكية التي كنا نظن أنها تقف بين نوع «الإنسان العاقل» وغيره من الأنواع. وغالبا ما يكشف هذا البحث النقاب عن بعض القدرات الذهنية الأساسية التي تتضح في التجربة التي وصفناها للتو: الحيوانات الأخرى قادرة على التخطيط. وهي قادرة على استخدام الأدوات، والتفكير في حل العديد من المشكلات الحديثة بطرق كنا نظن من قبل أنها مستحيلة.

وقد اتضح أن بعض هذه المشكلات ذات طبيعة حسابية. وفي هذا الفصل سوف ننظر في بعض القدرات الكمية التي تمتلكها بعض الحيوانات الأخرى، مع تناول بعض الأعمال التجريبية التي اكتشفت هذه القدرات. إننا نخصص القدر الأكبر من انتباهنا للأبحاث التي تجرى على قردة الشمبانزي وغيرها من الرئيسات؛ إذ إن هذه الأنواع هي الأكثر ارتباطا إذا كنا نرغب في أن نحظى بفهم أفضل للكيفية التي تطورت بها أشكال التفكير الكمي الفريدة التي يتميز بها البشر. بالرغم من ذلك، فثمة تنبيهان يجدر بنا أن نذكرهما منذ البداية؛ أولهما هو أن تلك الأبحاث التي تجرى على الإدراك لدى الحيوانات، بما في ذلك الإدراك العددي، تتوسع باستمرار. إن تاريخ هذه الدراسة حافل بالمراجعات؛ إذ يكتشف الباحثون قطعا مهارات إدراكية جديدة في عقول الحيوانات، والأرجح أن هذا الوضع سوف يستمر أيضا في السنوات القادمة. وأما التنبيه الثاني، فهو أنه عند النظر في هذه الأبحاث، يجب علينا أن نراعي ألا نكون شديدي التركيز على النوع البشري، أو شديدي التشبيه بالصفات البشرية، عند تأويل النتائج. إن هذه النقطة التي نتناولها تتطلب التوسع؛ إذ إنها أساسية في مجال علم الإنسان وعلم الرئيسات، وغيرها من المجالات المرتبطة. والنقطة الأساسية هنا أنه يجب علينا أن ندع البيانات تتحدث، ونحاول أن نمنع تحيزاتنا الطبيعية من تحديد تأويلاتنا للبيانات وما قد تخبرنا به عن طريقة تفكير الحيوانات وسلوكها. إننا نميل إلى افتراض أن إدراك الحيوانات ليس له علاقة بالأبحاث التي تجرى بشأن البشر؛ ذلك أن البشر بالطبع حيوانات من نوع مميز لهم عقول تختلف تماما عن عقول الحيوانات، أو ربما تجري فيهم روح أثيرية. ويمكن أن نطلق على هذا المنظور أنه بشري التمركز. ووفقا لميول المرء الدينية أو الفكرية النظرية، يمكن أن تكون هذه المكانة التي يحتلها الإنسان في هذا المنظور أمرا جذابا للغاية. بالرغم من ذلك، فمن منظور يستند إلى التجريبية، فإن الأدلة وحدها هي التي يجب أن توجه آراءنا بشأن التفكير لدى الحيوانات. بدلا من افتراض أن الحيوانات تفتقر إلى مهارات إدراكية محددة، مهارات قد يكون من الصعب اكتشافها نظرا لصعوبة التواصل بين الأنواع المختلفة بعضها عن بعض، يجب علينا أن نستبعد وجود مثل هذه المهارات بعناية شديدة.

وعلى العكس من ذلك، فالعديد من الأشخاص يبدون ميلا تلقائيا إلى تبني وجهة النظر المتمثلة في التشبيه بالإنسان، وهي رؤية تفترض مسبقا أن الحيوانات الأخرى تتمتع بأفكار وعواطف تشبه الأفكار والعواطف البشرية، ذلك أن البشر هم «مجرد نوع آخر من الحيوانات.» بالرغم من ذلك، فثمة أسباب وجيهة تدعو إلى الارتياب في أن الحالة الثانية ليست هي الصحيحة، ويجب علينا أن نحرص على ألا نسقط السمات البشرية على أفكار الحيوانات وسلوكياتهم، حين تكون البيانات ملتبسة. في تفاعلاتي المتكررة مع طلبة الجامعة، أجد أن الموقف الأخير هو السائد في معظم الحالات، ويعود ذلك جزئيا إلى التجارب التي تجرى على الحيوانات الأليفة وغيرها من الحيوانات، التي غالبا ما يشعر الأفراد برابطة حميمية معها. إن تصفح موقع فيسبوك أو ريديت أو غيرها من مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر لنا دائما مقاطع فيديو أو حكايات عن حيوانات أليفة تعبر ظاهريا عن «حبها» لأصحابها أو «صداقتها» معهم. وبالرغم من أن تكوين الحيوانات لعلاقات مع البشر هو أمر لا جدال فيه (يقترح بعض العلماء في مجال علم الإنسان أن العلاقات بين البشر والحيوانات كانت أساسية في تطور الثقافة)، فإنه يظل من الصعب أن نقرر ما يدور فعليا في عقول الأنواع الأخرى. فعلى سبيل المثال، ما مقدار ما يصدر عنها من سلوكيات بسبب «مشاعرها» نحونا، أو نحو بعضها بعضا، ومقدار ما يصدر عنها بسبب العلاقات المتوقعة بين المحفز والاستجابة؟ وحين تفكر الحيوانات وتعبر عن مشاعرها، هل تفعل ذلك بطريقة تسمح لنا نحن - أفراد النوع الذي استفاد من الأدمغة الأكبر حجما، وكذلك الثقافة واللغة - بإدراك هذه الأفكار والمشاعر، على أنها تشبه أفكارنا ومشاعرنا بأي شكل من الأشكال؟ إن الإجابات المناسبة عن مثل هذه الأسئلة يصعب التوصل إليها، بالرغم من أي تخمينات حدسية قد نطرحها. وبالرغم من أنه قد يكون لدينا ميل شخصي قوي تجاه وجهة النظر البشرية التمركز، أو وجهة النظر المتمثلة في تشبيه الحيوانات بالصفات البشرية، فإن هذا الميل قد تأسس على الأرجح بناء على خبراتنا السردية. وفي نهاية المطاف، يكون تأويل الخبرات الشخصية أساسا غير مرض للاستنتاجات ذات الطبيعة العلمية، والدليل على ذلك أن التخمينات الحدسية الشخصية بشأن مثل هذه الموضوعات يمكن أن تختلف بدرجة كبيرة. بعبارة أخرى: التخمينات الحدسية بشأن الإدراك لدى الأنواع الأخرى، تخبر عنا أكثر مما تخبر عنها.

2

في سياق التفكير العددي لدى الحيوانات، نجد قصة يستشهد بها كثيرا، غير أنها لا تزال قصة تحذيرية مهمة، وهي قصة هانز الذكي. وقد كان هانز الذكي حصانا جميلا من سلالة أورلوف تروتر. وكان صاحب هذا الحصان رجلا ألمانيا يدعى فيلهلم فون أوستن، ويبدو أنه كانت له مجموعة من الاهتمامات الاصطفائية، وكان منها تدريس الرياضيات لهانز، وممارسة الفراسة، التي قد أصبحت الآن مجالا بائدا من الدراسة، كان مختصا بدراسة الجماجم البشرية في محاولة لاستكشاف القوالب الأساسية للدماغ، التي يفترض أنها مخصصة لمهارات عقلية محددة. وكان من اهتماماته في العقد الأول من القرن العشرين أن يوضح للجمهور أن هانز قادر على أداء مجموعة متنوعة من المهام الإدراكية المعقدة، كان من بينها قراءة بعض الكلمات الألمانية وتهجيها، وكذلك فهم التقويم وإيجاد الحلول لجميع المسائل الرياضية. وفي مثل هذه المهام، كان هانز يوضح كفاءته في المهارات العقلية ذات الصلة من خلال النقر بحافره على الأرض لعدد معين من المرات. فعلى سبيل المثال، إذا طلب فون أوستن من هانز أن يطرح 8 من 12، كان هانز سيضرب بحافره على الأرض لأربع مرات. والواقع أن العديد من المسائل الرياضية التي كان يبدو أن هانز يحلها، كانت أعقد من ذلك بكثير، وقد أبهر الحشود في ألمانيا بقدرته على الإجابة عن معظم الأسئلة بشكل صحيح. لقد أصبح شخصية مشهورة بشكل ما، وذاع نبؤه في بعض المنشورات التي تصدر بعيدا مثل صحيفة «نيويورك تايمز».

अज्ञात पृष्ठ