अंक और मानव निर्माण: गणना और मानव सभ्यताओं का पथ

ज़हरा सामी d. 1450 AH
101

अंक और मानव निर्माण: गणना और मानव सभ्यताओं का पथ

الأعداد وبناء الإنسان: العد ومسار الحضارات الإنسانية

शैलियों

في دراسة حظيت بذيوع كبير، ونشرت أيضا في مجلة «ساينس» عام 2004، وضح أحد متخصصي علم النفس من جامعة بيتسبرج من خلال التجربة، أن غياب مفردات الأعداد من ثقافة البيراها، له آثار عميقة على قدرات أفرادها على التمييز بين الكميات. وقد أجرى عالم النفس بيتر جوردون سلسلة من المهام التجريبية على مدار صيفين زار فيهما قرية البيراها، وكان ذلك بمساعدة والدي. وقد أثبتت نتيجة هذه المهام، بطريقة واضحة ومتكررة، أمرا كان مثار الأقاويل لبعض الوقت، وهو أن أفراد البيراها يجدون صعوبة في التمييز بين الكميات التي تزيد على ثلاثة. ومن نواح عديدة، كانت التجارب التي أجراها جوردون تشبه بعض التجارب التي حاول والداي تنفيذها في الدروس سالفة الذكر مع أفراد هذه الجماعة في بداية الثمانينيات من القرن العشرين.

6

وفي موجة الانتباه الذي وجه إلى البيراها عقب نشر دراسة جوردون، غالبا ما كان يتم تصوير هؤلاء الأشخاص بصورة غير دقيقة، أو مشوهة للغاية في بعض الأحيان. فعلى أي حال، أصبحوا يمثلون بالنسبة إلى البعض حياة الرجعية، عودة إلى أيام العصر الحجري، وبقايا من العصر اللاعددي. واقترح البعض أن الصعوبة التي يواجهونها في تعلم المفاهيم الحسابية ربما تعود إلى زواج الأقارب فيما بينهم، فربما يكون السبب هو جينا، أو جينات، متنحية قد ظهرت بسبب المختنق السكاني. وكلا التفسيرين خاطئ تماما بالطبع؛ فالنتيجة المنطقية الوحيدة التي يمكننا أن نستخلصها من دراسة جوردون هي أن أهل البيراها هم جماعة تعيش على الصيد والتقاط الثمار، وقد اختاروا ألا يستخدموا الأعداد، ونتيجة لذلك، فهم لا يستخدمون المزايا الإدراكية التي تقدمها هذه الأداة. ولكي نفهم هذا التفسير بصورة أفضل؛ يجب علينا أن ندرس نتائج دراسة جوردون، وكذلك أعمال الآخرين اللاحقة عليها، بما في ذلك أعمالي.

شكل 5-1: أسرة من البيراها في زورق تقليدي يسير في أحد روافد نهر مايسي، ثيابهم من الواردات القليلة من العالم الخارجي. الصورة من التقاط المؤلف عام 2015.

لكننا في البداية، سنعرض مقدمة عن كيفية إدراك البشر للأعداد بصفة عامة. مثلما أوضحنا في الفصل الرابع، فإن البشر مزودون فطريا «بحاستين» حسابيتين. وبالرغم من أن العديد من البالغين لن يروا أن هاتين القدرتين أو هاتين الهبتين الوراثيتين، تتسمان بالطبيعة الحسابية، نظرا لبساطتهما، فإنهما أساسيتان لمشروع التفكير باستخدام الأعداد؛ لدينا أولا: الحاسة العددية التقريبية، وهي قدرتنا الفطرية على تقدير الكميات، ويبدو أن أطفال البشر يولدون بهذا النظام، وهو يمكنهم من تمييز الفروق الكبيرة بين الكميات؛ فمثلما سنرى في الفصل السادس، يستطيع الأطفال حديثو الولادة أن يميزوا على سبيل المثال بين ثمانية عناصر وستة عشر عنصرا، فهم يستطيعون إجراء العمليات الحسابية بشكل تقريبي، فيما يتعلق بالكميات الكبيرة. وأما ثاني القدرات الحسابية الفطرية لدى البشر: فهي قدرتهم على التمييز الدقيق للكميات المتمثلة في ثلاثة أو أقل، بعبارة أخرى، فإن جميع أفراد البشر من جميع الأعمار يستطيعون أن يميزوا بين شيء واحد وشيئين، وكذلك بين ثلاثة أشياء وشيء واحد. وفي هذا الكتاب، سوف أشير إلى هذه القدرة باسم الحاسة العددية الدقيقة؛ لسهولة مقارنتها بالحاسة العددية التقريبية. (ونظرا إلى أنها تساعد بصفة عامة في تتبع المجموعات الصغيرة من الأشياء بالتوازي، فعادة ما يشار إليها في مجال علم النفس باسم «نظام الملف الهدف» أو «نظام التفرد المتوازي».) ومثلما ذكرت في الفصل الرابع، فإن المنطقة المسئولة بشكل كبير عن هاتين الحاستين في أدمغتنا، هي منطقة الثلم داخل الفص الجداري.

إن وجود هاتين القدرتين الحسابيتين البدائيتين المختلفتين، قد أصبح مؤكدا في الوقت الحالي، غير أن الوعي بوجودهما لا يزال يطرح أمامنا أسئلة محيرة: لم يستطيع البشر دون الأنواع الأخرى الجمع بين هاتين القدرتين؟ وكيف نجمع بينهما معا؟ وما الذي يمكننا من نقل هذا الإدراك الدقيق للكميات الصغيرة إلى الكميات الكبيرة، التي تعالجها الحاسة العددية التقريبية تلقائيا؟ وبصفة عامة، توجد إجابتان أساسيتان لهذه الأسئلة المتشابهة؛ الإجابة الأولى هي إجابة التوجه الفطري، ووفقا له فإن هاتين القدرتين مدمجتان في الدماغ البشري؛ لأن تلك ببساطة هي كيفية عمل الدماغ البشري. ووفقا لهذا المنظور، فإننا لم نزود في شفرتنا الوراثية بالحاسة العددية الدقيقة والحاسة العددية التقريبية فحسب، بل زودنا أيضا بالقدرة على استخدامهما معا تدريجيا بطريقة ما. ومعنى هذا بعبارة أخرى: أن إحدى السمات التي يتميز بها نوعنا هي أن الأعداد مثبتة في أدمغتنا، وأننا ندرك تلقائيا على مدار تطورنا أن كميتين مثل 5 و6، تختلفان عن بعضهما البعض. (وحتى إن كانت التسميات مثل «خمسة» و«ستة» قد تيسر هذا الإدراك، فإن الإدراك نفسه ممكن في غيابها.) أما الإجابة الثانية المحتملة فهي ذات توجه ثقافي، وهي أن البشر لا يتعلمون الجمع بين القدرتين الرياضيتين الفطريتين، إلا إذا تعرضوا للأعداد بعد انتمائهم إلى ثقافة عددية وتحدثهم لغة عددية. ويفترض مثل هذا التفسير أن البشر لا يتعلمون التمييز بدقة بين الكميات الأكبر من 3، إلا حين يتعلمون الرموز الثقافية المشتركة التي ترمز إلى الكميات المحددة، أي حين يتعلمون مفردات الأعداد.

إن هذين التفسيرين المحتملين بشأن نشأة الإدراك العددي الذي يتميز به البشر؛ يؤديان إلى توقعات متماثلة بدرجة كبيرة. فكلا التفسيرين يتوقع أنه مع نشأة البشر في مجتمعات عددية، سوف يكتسبون مهارة إدراك الفروق الدقيقة بين الكميات الأكبر من 3. ونظرا إلى أن الغالبية العظمى من ثقافات العالم عددية؛ فقد ظل تقديم أدلة واضحة تدعم هذه الفرضية أو تلك أمرا صعبا لبعض الوقت. فقد يقترح أحد المؤيدين لهذا التفسير الثقافي، على سبيل المثال، أن الأطفال لا يتقنون التمييز بين الكميات الأكبر من 3، إلا حين يتعلمون العد. وقد يحتج أحد المؤيدين لفرضية التوجه الفطري بأننا نتعلم العد حين تنمو أدمغتنا بالدرجة الكافية لأداء هذه المهمة. ومن الطرق التي يمكن استخدامها لإلقاء الضوء على المسألة تقديم بيانات من مجموعة من البالغين الأصحاء الذين يعيشون في مجتمع غير عددي. فإذا كانت إحدى الجماعات السكانية لا تستخدم مفردات الأعداد أو غيرها من أشكال الثقافة العددية، فهل سيتعلم أفرادها التمييز بين معظم الكميات بدقة، أم يقتصر استخدامهم على الحاسة التقريبية الأبسط التي يوفرها جهازنا الدماغي؟ إن الإجابة بالإيجاب عن السؤال الأول سوف تقدم دعما كبيرا للتفسير الفطري، أما الإجابة بالإيجاب عن السؤال الثاني فسوف تقدم دعما كبيرا للتفسير الثقافي.

ومع وضع هذه المسائل في الاعتبار، فإن الدراسات المتعلقة بالموضوع، التي أجريت على سكان البيراها، قد ركزت على إبراز قدرة هؤلاء الأفراد على التمييز بين الكميات الأكبر من 3 بدقة، أو إبراز غيابها. تكونت دراسة جوردون من مجموعة من مهام تمييز الكميات، وقد أجراها على البالغين في قريتين، وكان الهدف من هذه المهام هو الإجابة عن هذا السؤال الأساسي: هل يتمكن الأفراد البالغون الأصحاء الذين ينتمون إلى ثقافة لا عددية من التمييز بين الكميات الأكبر من 3 بدقة وبصورة منتظمة؟ هل يمكنهم دوما التمييز بين 6 عناصر و7 عناصر، أو بين 8 و9، أو حتى بين 5 و4؟ وإذا لم يكونوا يستطيعون، فإن ذلك سوف يشير إلى أن معرفة العد ومفردات الأعداد أمر أساسي، لا للرياضيات فحسب، بل لمجرد التمييز بين الغالبية العظمى من الكميات.

كانت مهام جوردون التجريبية تنقسم إلى فئتين واسعتين، وفي إحدى فئتي المهام، يطلب من المشاركين في التجربة أن يقدموا عددا مطابقا للأشياء الموضوعة أمامهم على أحد الأسطح، وذلك من خلال وضع العدد نفسه من الأشياء على ذلك السطح، وقد كانت الأشياء المستخدمة بطاريات جافة صغيرة بالحجم

AA . وقد استخدمت هذه البطاريات في أنواع مختلفة من المهام، وفي المهمة الأساسية المتمثلة في «مطابقة الخط»، كان يوضع أمام المشاركين خط من البطاريات الجافة التي تبعد عن بعضها مسافات متساوية، وكانت البطاريات توضع قريبا بعضها من البعض لكي يفهم أنها مجموعة، لكنها مجموعة من عناصر منفصلة. وكان يطلب من المشاركين بعد ذلك أن يضعوا الكمية نفسها من البطاريات الجافة في مصفوفة موازية للخط الأصلي، وذلك بعد تمثيل المهمة أمامهم أولا بدقة. (وينطبق ذلك على جميع المهام المتعلقة بالكميات التي أجريت بين هذه المجموعة؛ فدائما ما ينفذ الباحثون التجارب أولا، وذلك للحد من أي لبس.) في مهمة «المطابقة المتعامدة» طلب من المشاركين مرة أخرى أن يصنعوا خطا من البطاريات، وقد كان من المفترض أن يكون العدد مساويا للخط الأصلي المعروض أمامهم، لكنه في هذه الحالة أدير بمقدار تسعين درجة. (وذلك بدلا من أن يكون موازيا للخط الأصلي مثلما هي الحال في مهمة مطابقة الخط الأساسية.) وفي إحدى المهام الأخرى ذات الصلة، وهي مهمة «العرض لفترة موجزة»، عرض أمام المشاركين خط من البطاريات، وطلب منهم أن يصنعوا خطا من الكمية نفسها من البطاريات، لكن ذلك بعد إخفاء الخط الأصلي من أمامهم. وفي الفئة الثانية من المهام التي استخدمها جوردون، كان المطلوب من المشاركين أن يوضحوا إدراكهم لكمية من الأغراض الموضوعة في وعاء؛ ولهذا، فعلى سبيل المثال، كان جوردون يضع بعض الجوز في علبة معتمة، وكان يضعها واحدة تلو الأخرى أمام المشاركين. (كان المشاركون يستطيعون رؤية جانب العلبة من منظورهم، لكنهم لم يكونوا يستطيعون رؤية ما بداخلها.) وقد قام بعد ذلك بإزالة حبات الجوز نفسها واحدة تلو الأخرى على مرأى من المشاركين، وبعد إزالة كل حبة كان يطلب منهم أن يوضحوا ما إذا كان هناك أي جوز بالعلبة أم لا.

अज्ञात पृष्ठ