قلت: ألا تعرف القصر الذي كان فيها واسم صاحبه؟ قال: نعم، فقد كانوا يدعونه القصر المحروق، ويقولون إن صاحبه كونت، وهذا كل ما أعرفه.
ولم يكترث لسؤالي، أما أنا فقد صبرت يومين على رجاء أن يعود إلي ذلك البارون، فلما رأيته لم يعد خرجت في صباح يوم وجميع الرفاق نيام، فذهبت توا إلى قصره في شارع «ميرمونسيل».
الفصل الثامن
وقد استقبلني البارون بملء الاحتفاء، وكان عنده مدير المرسح، فعرفني به، وقال له: هذه هي الفتاة التي حدثتك عنها، ثم نظر إلي بكل احترام وقال: تفضلي بالجلوس أيتها الآنسة، فإننا على وشك الدخول في غرفة المائدة، وستأكلين معنا، والآن فلنبحث في شأنك، فقد دلني قدومك على الإذعان لنصيحتي، وسيكون لك في فن الموسيقى أعظم شأن، فكم لك من العمر؟ قلت: تسعة عشر عاما، قال: إنك لا تزالين قاصرة، فمن هو ولي أمرك؟ قلت: مدير الجوق الذي أشتغل فيه.
قال: إذن هو الذي سيتولى التوقيع عنك على عقد اتفاقنا، فاعلمي الآن أني من أهل الشغف بالموسيقى، حتى إني ألفت جوقا لا للطمع بالربح، بل لغيرتي على هذا الفن الجميل، وقد أعجبني جمال صوتك الرخيم، ولكنك في حاجة إلى درس قواعد هذا الفن، فسأعين لك أستاذا يدرسك عامين، وأعقد معك اتفاقا لمدة خمسة أعوام، فيكون راتبك عشرين ألف فرنك في العام مدة الأعوام كلها؛ أي في مدة التدريس والعمل، فما اسمك؟
قلت: باستنكيت، قال: إنه اسم لا يوافق المراسح الكبرى، وسيكون اسمك بعد الآن باكيتا، ولكن ما بالك تنظرين إلي هذه النظرات؟
وكنت شاخصة كل مدة الحديث إلى الشعر الأبيض في رأسه، فقلت: لا أجسر يا سيدي البارون على أن أذكر السبب.
قال: بل قولي ما تشائين فلا جناح عليك.
قلت: ألا تستاء مما سأقوله؟
أجاب: كلا!
अज्ञात पृष्ठ