فلبث الرجل واقفا على العتبة، وجعل ينظر إلى المقصف (مائدة الطعام والشراب) والناس من حوله، فقال: أرى أنكم في وليمة، وما أخطأت فراستي بهذه الأنوار.
قال صاحب المنزل: هو ذاك، فإننا نحتفل بتنصير ولدي، وليس له من العمر غير بضعة أيام، فتعال واشرب نخبه معنا.
فخلع الرجل وشاحه ودخل، فتبعه الكلب، وذهب توا إلى حيث كان مهد الطفل، وجلس صاحب الكلب على كرسي مع المدعوين.
وقد أجفلت والدة الطفل لدنو الكلب من مهد طفلها، وانتهرته، فحول نظره عنه إليها ، وشغل الحضور عن ذلك بالزائر الجديد، فقد كان له تأثير عظيم فيهم، فكانوا يضطربون حين ينظر إليهم، ولا يطمئنون إلا حين ينصرف نظره عنهم إلى مائدة الطعام.
وكانوا كلهم على وتيرة واحدة في اضطرابهم، لا يجسرون على مبادأته بحديث، ما خلا والدة الكونت صاحب المنزل، فإنها نظرت إليه وقالت له: لقد كنا نبحث قبل قدومك يا حضرة الضيف بشأن مولودنا الجديد أبحاثا ذكرتني بالكونت كاليوسترو، فقد عرفته في عهد شبابي، قال الزائر: وأنا كذلك يا حضرة الكونتس، فعجبت الكونتيس لقوله، وقالت له: كيف ذلك، وكم لك من العمر؟
فلم يجبها الرجل على سؤالها، وقال: لقد علمت بما كنتم تتحدثون به، فقد تمنى كل منكم أمنية للطفل حسبما أوحى إليه قلبه، قالت: هو ذاك، ولكن فاتنا أن نتمنى له أمنية لا بد منها.
قال: نعم، فقد نسيتم أن تتمنوا له السعادة.
فوقف الجميع منذهلين لما سمعوه! وقال واحد منهم: ما هذا الذي يبدو منك يا سيدي؟! لعلك من السحرة؟
قال الزائر: في بعض الأحيان، وعند اللزوم.
وقالت له الكونتيس: أحق أنك ساحر؟!
अज्ञात पृष्ठ