अबू शुहदा हुसैन इब्न अली
أبو الشهداء الحسين بن علي
शैलियों
وسنعرض في ختام هذا الفصل عرضا موجزا لهذه المقابلة المتسلسلة بين أفراد الأسرتين لتحقيق الرأي فيها، ولكننا نجتزئ هنا بالمقابلة بين الخصمين المتصاولين من هاشم وعبد شمس في شخصي الحسين ويزيد؛ فأيا كان الميزان الذي يوزن به كل من الرجلين، فلا مراء البتة في خير الرجلين.
وما من رجل فاز حيث ينبغي أن يخيب، كما قد فاز يزيد بن معاوية في حربه للحسين، وما اختصم رجلان كان أحدهما أوضح حقا وأظهر فضلا من الحسين في خصومته ليزيد بن معاوية.
والموازنة بين هذين الخصمين هي في بعض وجوهها موازنة بين الهاشميين والأمويين من بداءة الخلاف بين الأسرتين، وهي موازنة حفظت كفتيها على وضعهما زهاء سبعة قرون، فلم يظهر في هذه القرون أموي قح، إلا ظهرت فيه الخصال الأموية المعهودة في القبيلة بأسرها، ولم يظهر في خلالها هاشمي قح، إلا رأيت فيه ملامح من تلك الخصال التي بلغت مثلها الأعلى في محمد بن عبد الله
صلى الله عليه وسلم .
والهاشميون والأمويون من أرومة واحدة ترتفع إلى عبد مناف، ثم إلى قريش في أصلها الأصيل.
ولكن الأسرتين تختلفان في الأخلاق والأمزجة وإن اتحدتا في الأرومة؛ فبنو هاشم في الأغلب الأعم مثاليون أريحيون ولا سيما أبناء فاطمة الزهراء، وبنو أمية في الأغلب الأعم عمليون نفعيون، ولا سيما الأصلاء منهم في عبد شمس من الآباء والأمهات.
وتفسير هذا الاختلاف مع اتحاد الأرومة غير عسير؛ فإن الأخوين في البيت الواحد قد يختلفان في الأخلاق والأعمال، كما يختلف الغريبان من أمتين بعيدتين، تبعا لاختلاف سلسلة الميراث في الأصول والفروع، على ذلك النحو الذي يأذن أحيانا باختلاف الألوان والملامح في نسل واحد، تأخذ كل شعبة منه بناحية من نواحي الوراثة. •••
ومن الثابت الذي لا نزاع فيه أن عبد المطلب وأمية كانا يختلفان حتى في الصورة والقامة والملامح.
وفي نسل أمية شبهة نشير إليها ولا نزيد، فهي محل الإشارة والمراجعة في هذا المقام.
دخل دغفل النسابة على معاوية فقال له: «من رأيت من عليه قريش؟» فقال: «رأيت عبد المطلب بن هاشم وأمية بن عبد شمس.» فقال: «صفهما لي.» فقال: «كان عبد المطلب أبيض، مديد القامة، حسن الوجه، في جبينه نور النبوة وعز الملك، يطيف به عشرة من بنيه كأنهم أسد غاب.» قال: «فصف أمية.» قال: «رأيته شيخا قصيرا، نحيف الجسم ضريرا، يقوده عبده ذكوان.» فقال معاوية: «مه! ذاك ابنه أبو عمرو.» فقال دغفل: «ذلك شيء قلتموه بعد وأحدثتموه. وأما الذي عرفت فهو الذي أخبرتك به.»
अज्ञात पृष्ठ