96

अबू नुवास

أبو نواس: الحسن بن هانئ

शैलियों

إن البرية قد ملت سياستكم

فاستمسكوا بعمود الدين وارتدعوا

ولم يكن بنو أمية خلوا من ذلك الملل الذي قال ابن الوليد: إنه عم البرية، فإن الأمويين انقسموا في بيت الملك منذ ابتدعوا عادة التوصية لولاية العهد باثنين في وقت واحد، يزاحمهما من بينهما من لم تشمله الوصاية، فلم ينقض عهد خليفة من خلفائهم دون مؤامرة من هنا ودسيسة من هناك، ونفاق يتراءى هنا وهناك.

وهذه المؤامرات في بيت الملك تقابلها في الرعية شعب متفرقة بين الفرس والعرب، وبين القحطانيين والعدنانيين من العرب أنفسهم، بل شعب متفرقة بين كل معسكر من هذه المعسكرات، فلا القحطانيون ولا العدنانيون مجتمعون على هوى واحد، ولا الخلاف حيث كان يرجع إلى سبب واحد، فربما تمرد أناس من الفرس لثقل الضريبة، ولا سبيل إلى تخفيفها كلما افتقرت الدولة المتداعية إلى المال للتدعيم والتقويم، أو افتقرت إليه لاستشراء عادات الترف، وانتشار الغصب والاختلاس بين العمال، وربما تمرد أناس منهم؛ لأنهم على حد قول القائل:

إذا لم يمكن للمرء في دولة امرئ

نصيب ولا حق تمنى زوالها

فلا تسلم الدولة من عداء السوقة الفقير، الذي حرمته رزقه، وعداء السيد الغني الذي حرمته الدولة ميراثه من الجاه والعتاد.

ووراء هؤلاء جميعا قوم لا يرضون عن أحد ولا يرضى أحد عنهم، وهم الخوارج الذين حكموا على هذه الطوائف جميعا بالكفر، وجردوا مرتكب المعاصي من الإسلام، وليس أكثر من مرتكبيها في ذلك الزمان.

وبعد شقاق طويل في معسكر الدولة الذاهبة تقبل الدولة الجديدة، وهي مشعبة بين فرعين: فرع بني علي وفرع بني العباس، وقد والاها من والاها في إبان الدعوة إليها باسم العلويين، ثم اتفق وجود زعيم بني العباس بالكوفة عند انهزام بني أمية، فبادر أعوانه إلى مبايعته، وذاع يومئذ أنها بيعة إلى حين انتظار إمام العلويين، ولم تمض غير سنوات حتى وضح أن العباسيين لا ينزلون عنها، وتولى الأمر خليفتهم الثاني بعد أن كان الغالب على الظن أن الخليفة الأول يوصي بها لصاحبها العلوي من أيام الدعوة ، وهو محمد «صاحب النفس الزكية». فنشط محمد لها وآزره العديد الجم من الأهواز والعراق، واقتحم أخوه إبراهيم البصرة فدان له أهلها، وتمت البيعة له أو كادت لولا غلبة أبي جعفر على بغداد، فلم يلبث أولياء العلويين في البصرة أن تحولوا فجأة، أو على مهل إلى ولاء العباسيين.

كل هذا وأبو نواس في سن الفهم والوعي يناهز العاشرة، ولا يفوته أن يعي ما يرى من تبدل الحال، وتبدل الولاء وتقلب الناس مع السلطان والمال.

अज्ञात पृष्ठ