अबू नुवास
أبو نواس: الحسن بن هانئ
शैलियों
قصفا وتم لنا بالجمعة العدد
ويلحق بهذا طي الشهر والشهرين بين حانات القفص وقطربل، كما حدثوا في بعض خمرياته أنه أقام بقطربل من أول يوم في رجب إلى آخر يوم في شعبان، ثم عاد ليشرب قبل أن تثبت رؤية الهلال، ونسبوا إليه أنه قال:
لو شئت لم نبرح من القفص
نأخذها صفراء كالجص
نسرق هذا اليوم من شهرنا
فربما يعفى عن اللص
فهذا الملل وذاك الفتور من مغرياته بالشراب وإدمان المعاقرة: إلا أنه إدمان حسي لا يلزم منه أن يتهوس صاحبه بالخمر ذلك التهوس، الذي ينم على العقد النفسية ويلعج فريسته، كأنما يركبها الشيطان فلا يدعها أو يوردها المورد الذي يبغيه.
وينبغي ألا ننسى في معرض المغريات التي سولت لأبي نواس إدمان الشراب باعثا قويا نظنه إحدى هذه المغريات ظن الاحتمال والترجيح، وذاك هو سوء العيش ونقص الغذاء، وافتقار الجسم إلى الحركة والتنبيه، فإن أبا نواس قد عاش في ضنك وفاقة معظم أيامه على غير ما يتوهم المتوهمون، وكان يسمي نفسه العاشق المفلس في بعض شعره، ويبالغ فيما أنفقه على الخمر أحيانا فيروي لنا أنه أنفق عليها الثمانين دينارا التي عاد بها من مصر ممتلئ الوطاب بجوائز الخصيب، وفي كل يوم يمتلئ الوطاب هذا الامتلاء! فإذا كانت جوائز الخصيب التي كاثر بها المكاثرون لم تخلف عليه إلا هذه الدنانير الثمانين، فما الظن بأيامه الأخرى التي تفرقت بين السجن والإقصاء، وتبدل السادات والأولياء؟ تلك حال لا يستبعد على صاحبها أن يحوجه سوء الغذاء إلى استفزاز البنية بالكحل وما إليه، كأنه بديل من الفخر بالآباء، وبديل من السآمة والخواء. •••
ونرجع إلى المقابلة بين أبي نواس وأوسكار وايلد في الخلة، خلة الإدمان، تطبيقا لما أسلفناه من أن الاختلاف بينهما يثبت المشابهة كما يثبتها الوفاق.
فالشاعر الإيرلندي لا يشكو من عقدة النسب؛ لأنه من سلالة النبلاء، ولا يشكو من سوء الغذاء؛ لأنه من الأغنياء، ولا يدفع السآمة بالخمر وحدها؛ لأنه مقتدر على السياحة والتردد على المقاصف والملاهي والتشاغل بإقامة المآدب، وحضورها عند من يدعونه إليها، وليس من همه أن يتحدى الناس بالشراب؛ لأن بيئة عصره لم تكن كتلك البيئة التي كان أبو نواس يتحداها حين يقول:
अज्ञात पृष्ठ