135

अबू नुवास

أبو نواس: الحسن بن هانئ

शैलियों

وقد يتصف النرجسي بدقة الحس أو رقة العاطفة وخفة الشعور، ولكنه محروم من تلك الدوافع الحيوية المتدفقة، وتلك الطبائع العميقة التي تستجيش النفس أبدا بما يشغلها ويجدد نشاطها، ويوثق روابطها بالعالم وما فيه، فإذا ترك النرجسي لنفسه لم يجد فيها ما يملأ فراغه كله، ولم يزل متلمسا للفرجة والتسلية، والنشوة التي تلهيه وترضيه عن ذاته وتجدد لها أشواقها فيما يعنيها من فتنتها وغوايتها.

ومن ثم يتسرب حب الخمر إلى الطبائع النرجسية، فإذا أعانتها بواعث أخرى من غواية الطبع أو البيئة تمادى بها حب الخمر إلى الإدمان والإصرار عليه.

ويلاحظ في خمريات أبي نواس هذا الولع بكل ما ينبه الشعور، ويدفع السآمة ويوقع في خلده أنه مشغول بما يشغل ويثير، فهو مع السكر والسماع لا ينسى أن يمثل لنا مخافة صاحب الحان، وذعره وانتباهه من النوم في وجل وريبة، ويوشك أن يكون وصف الخوف ملازما لكل قصة من قصص السعي إلى الحانات، والبحث عن الجيد النفيس من الشراب، فيعجبه أن يرى الساقي بين الخوف والرجاء حيث يقول:

لما قرعت عليه الباب أوجله

وقال بين مسر الخوف والراجي

أو فزعا شديد الفزع كما قال:

فقام لدعوتي فزعا مروعا

وأسرع نحو إشعال الذبال

أو ممتلئا ذعرا كما قال:

فلما قرعنا بابه هب خائفا

अज्ञात पृष्ठ