أجيئك بحديث عن الصحابة أو التابعين إلا عرفت مولد أكثرهم، ووفاتهم ومساكنهم، ولست أروي حديثا عن الصحابة أو التابعين إلا ولي في ذلك أصل أحفظه حفظا عن كتاب الله أو سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -».
وأخباره مع شيوخه وأهل العلم، وأخبار حفظه وإتقانه كثيرة جدا نكتفي منها بما حصل له عندما قدم بغداد.
كان صيت البخاري قد ذاع في مختلف البلدان، وعندما قدم بغداد أراد أهل الحديث امتحانه فعمدوا إلى مائة حديث، فقبلوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد هذا، وإسناد هذا المتن ذاك، ودفعوا إلى كل واحد عشرة أحاديث ليلقوها عليه في المجلس، فاجتمع الناس، وانتدب أحدهم فقام وسأله عن حديث من تلك العشرة، فقال: لا أعرفه، ثم سأله عن آخر. فقال: لا أعرفه، حتى فرغ من العشرة، والبخاري يقول: لا أعرفه.
ثم انتدب آخر من العشرة، فكان حاله معه كذلك إلى تمام العشرة، والبخاري لا يزيدهم على قوله: لا أعرفه، فكان الفقهاء يلتفت بعضهم إلى بعض، ويقولون: الرجل فهم، وأما غيرهم فلم يدركوا ذلك، ولما فرغوا من إلقاء الحديث عليه، التفت إلى الأول فقال: أما حديثك الأول فهو كذا، وحديثك الثاني مثل ذلك إلى أن فرغ، فأقر له الناس بالحفظ والضبط والإتقان.
خرج البخاري في آخر حياته إلى قرية (خرتنك) وهي على فرسخين من سمرقند، وتوفي بها في (30 رمضان سنة 256 ه) - رحمه الله -.
الجامع الصحيح:
صنف الإمام البخاري كتابه في ستمائة ألف حديث، في ست عشرة سنة، وما وضع فيه حديثا إلا وصلى ركعتين وقال: «جعلته حجة بيني وبين الله سبحانه وتعالى».
وعدة أحاديث صحيح البخاري (7275) حديثا بالمكررة، وبحذف
पृष्ठ 54