ومنها ما رواه عبد الله بن مغفل وأخرجه الترمذي وابن حبان في " صحيحه ": قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه».
وغير ذلك من الأحاديث التي تدل على أفضليتهم كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب» وهو حديث صحيح. وفي رواية: «خير الناس».
فبعد تعديل الله تعالى ورسوله للصحابة، وإجماع الأمة على عدالتهم لا يحتاج أحد منهم إلى تعديل أحد، على أنه لو لم يرد من الله تعالى ورسوله الكريم - عليه الصلاة والسلام - شيء في تعديلهم لوجب تعديلهم لما كانوا عليه من دعم الدين والدفاع عنه، ومناصرتهم للرسول - صلى الله عليه وسلم - والهجرة إليه، والجهاد بين يديه، والبذل السخي من الأموال والأرواح في سبيل الله والمحافظة على الدين، والتشدد في امتثال أوامر الله تعالى ورسوله، واندفاعهمه العظيم بصدق وإخلاص وتضحية وجرأة في سبيل ذلك، فنراهم يوم بدر يقتحمون الموت، ويتسابقون لتنفيذ أوامر القائد العظيم محمد - صلى الله عليه وسلم -، من هذا قول سعد بن عبادة الأنصاري: «يا رسول الله! والذي نفسي بيده! لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها (1) ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد (2) لفعلنا» (3) فقد بذلوا نفوسهم للذود عن حياض الإسلام، وفدوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأرواحهم، فإذا ما نزل بهم الخطب في غزوة أحد رأيناهم يتسابقون للدفاع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، هذا أبو دجانة يجعل ظهره ترسا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أثخنته الجراح، وإلى جانبه
पृष्ठ 32