السنة ومكانتها من القرآن الكريم:
لم يكن للأحكام في عهد الرسول الكريم - عليه الصلاة والسلام - مصدر سوى الكتاب والسنة. ففي كتاب الله تعالى الأصول العامة للأحكام الشرعية، دون التعرض إلى تفصيلها جميعها، والتفريع عليها، إلا ما كان منها متفقا مع الأصول العامة ثابتا بثبوتها، لا يتغير بمرور الزمن، ولا يتطور باختلاف الناس في بيئاتهم وأعرافهم، كل هذا حتى يحقق القرآن الكريم النهضة الإنساية الشاملة، والرقي الاجتماعي والفكري، وينشر العدالة والسعادة، في كل زمن، ويبقى صالحا لكل أمة مهما كانت بيئتها وأعرافها، فتجد فيه ما يكفل حاجتها التشريعية في سبيل النهوض والتقدم، وإلى جانب هذه الأصول في القرآن الكريم نجد العقائد والعبادات وقصص الأمم الغابرة، والآداب العامة والأخلاق ..
وقد جاءت السنة في الجملة موافقة للقرآن الكريم، تفسر مبهمه، وتفصل مجمله، وتقيد عامه، وتشرح أحكامه وأهدافه، كما جاءت بأحكام لم ينص عليها القرآن الكريم، تتمشى مع قواعده، وتحقق أهدافه وغاياته، فكانت السنة تطبيقا عمليا لم جاء به القرآن العظيم ، تطبيقا يتخذ مظاهر مختلفة، فحينا يكون عملا صادرا عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وحينا آخر يكون قولا يقوله في مناسبة، وحينا ثالثا يكون تصرفا أو قولا من أصحابه - صلى الله عليه وسلم -، فيرى العمل أو يسمع القول ثم يقر هذا وذاك، فلا يعترض عليه ولا ينكره، بل يسكت عنه أو يستحسنه فيكون منه تقريرا.
وهكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبين ما جاء في القرآن الكريم، والصحابة يقبلون ذلك منه، لأنهم مأمورون باتباعه وطاعته، ولم يخطر ببال امرئ منهم أن يترك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو فعله، وقد عرفوا ذلك من كتاب الله تعالى، ففيه: {إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث
पृष्ठ 22