آبائهم وأجدادهم، فإذا ما دعاهم إلى الله قال له أقرب الناس إليه: تبا لك!! إلهذا دعوتنا؟ وأوذي - صلى الله عليه وسلم - في سبيل دعوته كثيرا، وقاسى الصعاب، ولم يؤمن به إلا نفر قليل: زوجه، وبعض ذويه، وقليل من أهله. وكان لا يفتر عن دعوتهم، ويسخرون منه فيزداد نشاطا وحيوية وراء أمله، ويصورهم الله في قوله:
{وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون} (1)، {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون} (2).
إلا أن الباطل لا يقوى أمام الحق، فسرعان ما يتقوض، ويظهر ضعفه، كما يتلاشى الظلام حين يكون وراءه النور الساطع.
ومضى الرسول الكريم - عليه الصلاة والسلام - في دعوته، وصبر الصبر الجميل مضطهدا حينا، مستهزءا به أحيانا، ومع هذا كان يتمنى لقومه الهداية والرشاد، فيطيب الله خاطره، ويخفف عنه، مبينا أن هدايتهم بيده - عز وجل -، فيقول:
{إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين} (3).
ويصور الله تعالى ضيقه - صلى الله عليه وسلم - في سبيل هداية قومه، فيقول:
{فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا} (4).
ويؤكد له أنه على حق، ولا بد من أن ينتصر، فيشحذ عزيمته بقوله - عز وجل -:
{فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم} (5).
पृष्ठ 14