अबू हनीफा और मानवीय मूल्य
أبو حنيفة والقيم الإنسانية في مذهبه
शैलियों
وأما الثالثة فقد دخلها عنصر السياسة، وبهذا العنصر الذي فطن له أبو حنيفة انتصر على خصمه، ويرويها أبو يوسف.
31
فيقول: دعا المنصور أبا حنيفة، فقال الربيع حاجب الخليفة وكان يعادي الإمام: يا أمير المؤمنين! هذا أبو حنيفة يخالف جدك؛ كان عبد الله بن عباس يقول: «إذا حلف على اليمين ثم استثنى بعد ذلك بيوم أو يومين جاز الاستثناء.» وقال أبو حنيفة: لا يجوز الاستثناء إلا متصلا باليمين! فقال أبو حنيفة: يا أمير المؤمنين! إن الربيع يزعم أن ليس لك في رقاب جندك بيعة، قال: وكيف؟ قال: يحلفون لك ثم يرجعون إلى منازلهم فيستثنون، فتبطل أيمانهم. فضحك المنصور وقال: يا ربيع! لا تعرض لأبي حنيفة! (4)
والرابعة يرويها ابن شبرمة الفقيه.
32
فيقول: كنت شديد الإزراء على أبي حنيفة (وهذه حالة ترى كثيرا بين الزملاء المتعاصرين) فحضر الموسم وكنت حاجا يومئذ، فاجتمع عليه قوم يسألونه، فوقفت من حيث لا يعلم من أنا، فجاءه رجل خراساني، فقال: يا أبا حنيفة، قصدتك أسألك عن أمر قد أهمني وأعجزني. قال: ما هو؟ قال: لي ولد ليس لي غيره، فإن زوجته طلق وإن سريته أعتق، وقد عجزت عن هذا، فهل من حلة؟ فقال له للوقت: اشتر لنفسك الجارية التي يرضاها هو ثم زوجها منه؛ فإن طلق رجعت مملوكتك إليك، وإن أعتق أعتق ما لا يملك. وهنا يقول ابن شبرمة: فعلمت أن الرجل فقيه، فمن يومئذ كففت عن ذكره إلا بخير. (5)
وأخيرا، هذه حادثة تكشف لنا أيضا عن فطنته لما يراد منه، وسرعة خاطرة في التخلص، وقد وقعت بينه وبين فقيه معاصر، وكان بينهما ما يكون عادة بين المتعاصرين الزملاء في العمل، وهو محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى الفقيه، قاضي الكوفة، المتوفى عام 148ه وهو على القضاء.
ويروي هذه الحادثة يوسف بن خالد السمتي في حديث طويل، يذكر فيه قدومه على أبي حنيفة من البصرة، إلى أن يقول:
33
خرجنا مع أبي حنيفة في نزهة إلى ناحية بالكوفة، وأمسينا فرجعنا، فإذا نحن بابن أبي ليلى راكبا على بغلته قد أقبل، فسلم علينا وساير أبا حنيفة، فمررنا ببستان فيه قوم متنزهون، ومعهم مغنيات وعوادات وغير ذلك، وهن مقبلات، حتى حاذيناهن فسكتن، فقال أبو حنيفة: قد أحسنتن، ومضينا إلى مفرق الطرق فتفرقنا.
अज्ञात पृष्ठ