فلا تأمل من الدنيا صلاحا
فذاك هو الذي لا يستطاع
نعم ذاك الذي ما استطعته ولن تستطيعوه، ولكن:
نزول كما زال آباؤنا
ويبقى الزمان على ما ترى
وتذهبون في كل مذهب وتطمعون في كل مطمع، ثم تعلمون بعد خطأ لا تزالون ترجعون إليه أنه:
حكم جرى للمليك فينا
ونحن في الأصل أغبياء!
فهو داء عياء ليس له شفاء، وكنت أزعم أن الموت يبرئ الخلائق منه فهأنذا معكم لم أكد أشعر بظل الحياة حتى استرجعت من دائها كل ما كنت أشكوه وأعالجه وأرجو الغلبة عليه. كلا يا أبنائي: لا تحذفوا حرفا مما كتبت في خلائق الناس، أو احذفوه كله فما هو بضائركم أن تجهلوه، وهو منا ومنكم في الصميم، وإنه لباق في النفوس إن زال من الطروس.
تمثلت هذا الحديث بين شيخ المعرة وبعثة الحكومة السورية إليه، وأخال أنني على صواب حين أزعم أن الشيخ في طليعة الحكماء الذين لا يغيرون ما قالوه في هذا المعنى بعد آلاف السنين، لأنه لم يؤمن بالنكسة بعد العلاج، ولم يؤمن بالتقدم والارتقاء، فيتطرق الخلاف من أحد البابين إلى مجمل ما قال. لكن شيمة واحدة في حكيم المعرة أخالها لو تغيرت قليلا لتغيرت فلسفته جميعا من الألف إلى الياء، ولألغى كثيرا من سقط الزند وكثيرا من اللزوميات، ولخرج بديوان يقرأه القارئ فلا يهجس في خاطره ذكر المعري المعهود؛ لأن تغيير تلك الشيمة يخرجه خلقا جديدا لا يمت بقرابة ذهن ولا بآصرة نسب إلى ذلك الحكيم الذي عرفناه.
अज्ञात पृष्ठ